كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) ما أراه الله من الآيات والعبر في طريق بيت المقدس.
وقوله (إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) يقول تعالى ذكره: إن الذي أسرى بعبده هو السميع لما يقول هؤلاء المشركون من أهل مكة في مسرى محمد ﷺ من مكة إلى بيت المقدس، ولغير ذلك من قولهم وقول غيرهم، البصير بما يعملون من الأعمال، لا يخفى عليه شيء من ذلك، ولا يعزب عنه علم شيء منه، بل هو محيط بجميعه علما، ومحصيه عددا، وهو لهم بالمرصاد، ليجزي جميعهم بما هم أهله.
وكان بعض البصريين يقول: كسرت "إن" من قوله (إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) لأن معنى الكلام: قل يا محمد: سبحان الذي أسرى بعبده، وقل: إنه هو السميع البصير.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا (٢) ﴾
يقول تعالى ذكره: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا وآتى موسى الكتاب، وردّ الكلام إلى (وآتَيْنا) وقد ابتدأ بقوله أسرى لما قد ذكرنا قبل فيما مضى من فعل العرب في نظائر ذلك من ابتداء الخبر بالخبر عن الغائب، ثم الرجوع إلى الخطاب وأشباهه. وعنى بالكتاب الذي أوتي موسى: التوراة (وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إسْرائِيلَ) يقول: وجعلنا الكتاب الذي هو التوراة بيانا للحقّ، ودليلا لهم على محجة الصواب فيما افترض عليهم، وأمرهم به، ونهاهم عنه.
وقوله (ألا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلا)
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والكوفة (ألا تَتَّخِذُوا) بالتاء بمعنى: وآتينا موسى الكتاب بأن لا تتخذوا يا بني إسرائيل (مِنْ دُونِي وَكِيلا). وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة (ألا يَتَّخِذُوا) بالياء على الخبر عن بني إسرائيل، بمعنى: وجعلناه هدى لبني إسرائيل، ألا يتَّخذ بنو إسرائيل من دوني وكيلا وهما قراءتان صحيحتا المعنى، متفقتان غير مختلفتين، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب، غير أني أوثر القراءة بالتاء، لأنها أشهر في القراءة وأشد استفاضة فيهم من القراءة بالياء. ومعنى