أن يكون بالنون كما كان الخبر الذي قبله بالنون، وأما قوله (يَلقاهُ) فإنّ في إجماع الحجة من القرّاء على تصويب ما اخترنا من القراءة في ذلك، وشذوذ ما خالفه الحجة الكافية لنا على تقارب معنى القراءتين: أعني ضمّ الياء وفتحها في ذلك، وتشديد القاف وتخفيفها فيه؛ فإذا كان الصواب في القراءة هو ما اخترنا بالذي عليه دللنا، فتأويل الكلام: وكلّ إنسان منكم يا معشر بني آدم، ألزمناه نحسه وسعد، وشقاءه وسعادته، بما سبق له في علمنا أنه صائر إليه، وعامل من الخير والشرّ في عنقه، فلا يجاوز في شيء من أعماله ما قضينا عليه أنه عامله، وما كتبنا له أنه صائر إليه، ونحن نخرج له إذا وافانا كتابا يصادفه منشورا بأعماله التي عملها في الدنيا، وبطائره الذي كتبنا له، وألزمناه إياه في عنقه، قد أحصى عليه ربه فيه كلّ ما سلف في الدنيا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا) قال: هو عمله الذي عمل أحصي عليه، فأخرج له يوم القيامة ما كتب عليه من العمل يلقاه منشورا.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا) : أي عمله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة (أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) قال: عمله (ونُخْرِجُ لَهُ) قال: نخرج ذلك العمل (كِتابا يَلقاهُ مَنْشُورًا) قال معمر: وتلا الحسن (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك، ووكل بك ملَكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن يسارك. فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا متّ طُويت صحيفتك، فجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) قد عدل والله عليك من جعلك حسيب نفسك.


الصفحة التالية
Icon