أبو سعيد بن أبي الوضَّاح، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير (فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) قال: في مكان داخل.
وقوله: (ذلك من آيات الله) يقول عز ذكره:
فعلنا هذا الذي فعلنا بهؤلاء الفتية الذين قصصنا عليكم أمرهم من تصييرناهم، إذ أردنا أن نضرب على آذانهم بحيث تزاور الشمس عن مضاجعهم ذات اليمين إذا هي طلعت، وتقرضهم ذات الشمال إذا هي غَرَبت، مع كونهم في المتسع من المكان، بحيث لا تحرْقهم الشمس فتُشحبهم، ولا تبلى على طول رقدتهم ثيابهم، فتعفَّن على أجسادهم، من حجج الله وأدلته على خلقه، والأدلة التي يستدل بها أولو الألباب على عظيم قدرته وسلطانه، وأنه لا يعجزه شيء أراده، وقوله (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي) يقول عزّ وجلّ: من يوفقه الله للاهتداء بآياته وحججه إلى الحق التي جعلها أدلة عليه، فهو المهتدي: يقول: فهو الذي قد أصاب سبيل الحقّ (وَمَنْ يُضْلِلِ) يقول: ومن أضله الله عن آياته وأدلته، فلم يوفقه للاستدلال بها على سبيل الرشاد (فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) يقول: فلن تجد له يا محمد خليلا وحليفا يرشده لإصابتها، لأن التوفيق والخِذْلان بيد الله، يوفق من يشاء من عباده، ويخذل من أراد، يقول: فلا يَحْزنُك إدبار من أدبر عنك من قومك وتكذيبهم إياك، فإني لو شئت هديتهم فآمنوا، وبيدي الهداية والضلال.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (١٨) ﴾
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وتحسب يا محمد هؤلاء الفتية الذين قصصنا عليك قصتهم، لو رأيتهم في حال ضربنا على آذانهم في كهفهم الذي أووا إليه أيقاظا. والأيقاظ: جمع يَقِظ، ومنه قول الراجز:
وَوَجدُوا إخْوَتهُمْ أيْقاظا | وسَيْفَ غَيَّاظٍ لَهُمْ غَيَّاظا (١) |
ورقما البيتين فيها هما ٨، ١٦. وهما من شواهد أبي عبيدة في (مجاز القرآن ١: ٣٩٧) قال " وتحسبهم أيقاظا ": واحدهم يقظ. ورجال أيقاظ؛ وكذلك جمع يقظان: أيقاظ، يذهبون به إلى جمع يقظ.
وقال رؤبة: " ووجدوا... البيتين" وقد نسبهما لرؤبة، وهما في ديوان العجاج. وقد تداخلت أشعارهما على الرواة واللغويين. وغياظ: اسم رجل.