القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣) ﴾
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ذر يا محمد هؤلاء المشركين يأكلوا في هذه الدنيا ما هم آكلوه، ويتمتعوا من لذاتها وشهواتهم فيها إلى أجلهم الذي أجلت لهم، ويلههم الأمل عن الأخذ بحظهم من طاعة الله فيها، وتزوّدهم لمعادهم منها بما يقربهم من ربهم، فسوف يعلمون غدا إذا وردوا عليه. وقد هلكوا على كفرهم بالله وشركهم حين يُعاينون عذاب الله أنهم كانوا من تمتعهم بما كانوا يتمتعون فيها من اللذّات والشهوات كانوا في خسار وتباب.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (٤) ﴾
يقول تعالى ذكره (وَمَا أَهْلَكْنَا) يا محمد (مِنْ) أهل (قَرْيَةٍ) من أهل القرى التي أهلكنا أهلها فيما مضى (إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ) يقول: إلا ولها أجل مؤقَّت ومدة معروفة، لا نهلكهم حتى يبلغوها، فإذا بلغوها أهلكناهم عند ذلك، فيقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فكذلك أهل قريتك التي أنت منها وهي مكة، لا نهلك مشركي أهلها إلا بعد بلوغ كتابهم أجله، لأن مِنْ قضائي أن لا أهلك أهل قرية إلا بعد بلوغ كتابهم أجله.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (٥) ﴾
يقول تعالى ذكره: ما يتقدّم هلاك أمة قبل أجلها الذي جعله الله أجلا لهلاكها، ولا يستأخر هلاكها عن الأجل الذي جعل لها أجلا.