وَسَوْفَ يُعْقِبُنِيه إنْ ظَفِرْت بِهِ | رَبّ غَفُورٌ وَبِيضٌ ذاتُ أطْهارِ (١) |
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (٩) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (١٠) ﴾
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد ﷺ مسليه عما يلقى من الشدّة من مشركي قومه، ومعرفه ما إليه بصائر أمره وأمرهم، وأنه معليه عليهم، وموهن كيد الكافرين، ويحثه على الجدّ في أمره، والصبر على عبادته، وأن يتذكر فيما ينوبه فيه من أعدائه من مُشركي قومه وغيرهم، وفيما يزاول من الاجتهاد في طاعته ما ناب أخاه موسى صلوات الله عليه من عدّوه، ثم من قومه، ومن بني إسرائيل وما لقي فيه من البلاء والشدة طفلا صغيرا، ثم يافعا مترعرعا، ثم رجلا كاملا (وَهَلْ أَتَاكَ) يا محمد (حَدِيثُ مُوسَى) ابن عمران (إِذْ رَأَى نَارًا) ذكر أن ذلك كان في الشتاء ليلا وأن موسى كان أضلّ الطريق; فلما رأى ضوء النار (قَالَ لأهْلِهِ) ما قال.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو،
(١) في (اللسان: عقب) يقال: أعقبه الله بإحسان وخيرا. والاسم العقبى، وهو شبه العوض. واستعقب منه خيرا أو شرا: اعتاضه، فأعقبه خيرا، أي عوضه وأبدله. والشاهد في البيت أن قائله وصف البيض وهو جمع بيضاء، بكلمة (ذات) وهي واحد، ولم يطابق بين النعت والمنعوت في العدد. وتأويل ذلك عند المؤلف أنه كلمة البيض وإن كانت جمعا فإنها يشار إليها بكلمة هذه وهذه في الأصل إشارة للواحدة فلما جاز أن يشار بهذه إلى الجمع جاز أن أن ينعت البيض بذات التي هي للواحدة، وذلك نظير قول القرآن: " له الأسماء الحسنى"، والأسماء جمع، والحسنى صفتها وهي واحدة.