ولا حظ لها في "إن" التي بعد موسى.
وأما قوله (إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى) فإنه يقول: إنك بالوادي المطهر المبارك.
كما حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى) يقول: المبارك.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد، قوله (إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى) قال: قُدِّس بُورك مرّتين.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، قوله (إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى) قال: بالوادي المبارك.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله (طُوًى) فقال بعضهم: معناه: إنك بالوادي المقدس طويته، فعلى هذا القول من قولهم طوى مصدر خرج من غير لفظه، كأنه قال: طويت الوادي المقدس طوى.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: قوله (إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى) يعني الأرض المقدسة، وذلك أنه مرّ بواديها ليلا فطواه، يقال: طويت وادي كذا وكذا طوى من الليل، وارتفع إلى أعلى الوادي، وذلك نبيّ الله موسى صلى الله عليه وسلم.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: مرّتين، وقال: ناداه ربه مرّتين; فعلى قول هؤلاء طوى مصدر أيضا من غير لفظه، وذلك أن معناه عندهم: نودي يا موسى مرّتين نداءين، وكان بعضهم ينشد شاهدا لقوله طوى، أنه بمعنى مرّتين، قول عديّ بن زيد العبادي:

أعاذِل إنَّ اللَّوْمَ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ عَليَّ طَوَى مِنْ غَيّكِ المُتَرَدّدِ (١)
(١) البيت لعدي بن زيد (اللسان: طوى). قال: وإذا كان طوى وطوى (بكسر الطاء وضمها) وهو الشيء المطوي مرتين، فهو صفة بمنزلة ثني وثني (بكسر الثاء وضمها)، وليس بعلم لشيء وهو مصروف لا غير، كما قال عدي بن زيد: " أعاذل " إن اللوم.. البيت "، ورأيت في حاشية نسخة من أمالي ابن بري أن الذي في شعر عدي: على ثنى من فيك، أراد اللوم المكرر.


الصفحة التالية
Icon