حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال: لما تحرّك الغلام، يعني موسى، أورته أمه آسية صبيا، فبينما هي ترقصه وتلعب به، إذ ناولته فرعون، وقالت: خذه، فلما أخذه إليه أخذ موسى بلحيته فنتفها، فقال فرعون: عليّ بالذباحين، قالت آسية: (لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) إنما هو صبيّ لا يعقل، وإنما صنع هذا من صباه، وقد علمت أنه ليس في أهل مصر أحلى منى أنا أضع له حليا من الياقوت، وأضع له جمرا، فإن أخذ الياقوت فهو يعقل فاذبحه، وإن أخذ الجمر فإنه هو صبيّ، فأخرجت له ياقوتها ووضعت له طستا من جمر، فجاء جبرائيل صلى الله عليه وسلم، فطرح في يده جمرة، فطرحها موسى في فيه، فأحرقت لسانه، فهو الذي يقول الله عز وجل (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي)، فزالت (١) عن موسى من أجل ذلك.
وقوله (يَفْقَهُوا قَوْلِي) يقول: يفقهوا عني ما أخاطبهم وأراجعهم به من الكلام (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي) يقول: واجعل لي عونا من أهل بيتي (هَارُونَ أَخِي).
وفي نصب هارون وجهان: أحدهما أن يكون هارون منصوبا على الترجمة عن الوزير (٢).
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: كان هارون أكبر من موسى.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (٣٥) ﴾

(١) في النسخة رقم ١٠٠ دار الكتب المصرية: فتراللت، ولعله: فزالت، أي العقدة.
(٢) لم يبين المؤلف الوجه الثاني في نصب هارون، وقد بينه الشوكاني في تفسيره " فتح القدير " طبعة الحلبي. ٣: ٣٥١ قال: وانتصاب " وزيرا " و " هارون ": على أنهما مفعولا أجعل. وقيل مفعولاه: " لي وزيرا "، ويكون هارون عطف بيان للوزير. أه. قلت: وعني المؤلف بالترجمة: البدل. وهو أخو عطف البيان.


الصفحة التالية
Icon