وغذائكم، وارعوا فيما هو أرزاق بهائمكم منه وأقواتها أنعامكم (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ) يقول: إن فيما وصفت في هذه الآية من قدرة ربكم، وعظيم سلطانه لآيات: يعني لدلالات وعلامات تدلّ على وحدانية ربكم، وأن لا إله لكم غيره (لأولِي النُّهَى) يعني: أهل الحجى والعقول، والنهى: جمع نُهية، كما الكُشَى: جمع كُشْيَة.
قال أبو جعفر: والكشَى: شحمة تكون في جوف الضبِّ، شبيهة بالسرّة، وخصّ تعالى ذكره بأن ذلك آيات لأولي النُّهَى، لأنهم أهل التفكُّر والاعتبار، وأهل التدبر والاتعاظ.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (٥٥) ﴾
يقول تعالى ذكره: من الأرض خلقناكم أيها الناس، فأنشأناكم أجساما ناطقة (وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ) يقول: وفي الأرض نعيدكم بعد مماتكم، فنصيركم ترابا، كما كنتم قبل إنشائنا لكم بشرا سويا (وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ) يقول: ومن الأرض نخرجكم كما كنتم قبل مماتكم أحياء، فننشئكم منها، كما أنشأناكم أول مرة..
وقوله (تَارَةً أُخْرَى) يقول: مرّة أخرى.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) يقول: مرّة أخرى.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (تَارَةً أُخْرَى) قال: مرّة أخرى الخلق الآخر.
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام إذن: من الأرض أخرجناكم ولم تكونوا شيئا خلقا سويا، وسنخرجكم منها بعد مماتكم مرّة أخرى، كما أخرجناكم منها أوّل مرة.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (٥٦) ﴾
يقول تعالى ذكره: ولقد أرينا فرعون آياتنا، يعني أدلتنا وحججنا على


الصفحة التالية
Icon