وذُكر عن أبي نهيك في ذلك ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبد المؤمن، قال: سمعت أبا نهيك يقول: (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) يعني فرعون يحشر قومه.
وقوله (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ) يقول تعالى ذكره: فأدبر فرعون معرضا عما أتاه به من الحقّ (فَجَمَعَ كَيْدَهُ) يقول: فجمع مكره، وذلك جمعه سحرته بعد أخذه إياهم بتعلمه (ثُمَّ أَتَى) يقول: ثم جاء للموعد الذي وعده موسى، وجاء بسحرته.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (٦١) ﴾
يقول تعالى ذكره: قال موسى للسحرة لما جاء بهم فرعون (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) يقول: لا تختلقوا على الله كذبا، ولا تتقوّلوه (فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ) فيستأصلكم بهلاك فيبيدكم. وللعرب فيه لغتان: سحت، وأسحت، وسحت، أكثر من أسحت، يقال منه: سحت الدهر، وأسحت مال فلان: إذا أهلكه فهو يسحته سحتا، وأسحته يسحته إسحاتا، ومن الإسحات قول الفرزدق:
وَعَضُّ زَمان يا بنَ مَرْوَانَ لَمْ يَدَعْ | مِنَ المَالِ إلا مُسْحَتا أوْ مُجلَّف (١) |
وقبل بيت الشاهد قوله (انظر ديوانه طبعة الصاوي ص ٥٦٥) :
إليك أمير المؤمنين رمت بنا | هموم المنى والوجل المتعسف |
أما رفع مجلف، فهو على تقدير مبتدأ، كأنه قال أو هو مجلف. والبيت شاهد عند الطبري، على أن معنى قوله تعالى: فيسحتكم: يستأصلكم.