إنَّ السُّيوفَ غُدُوَّها ورَوَاحَها تَرَكَتْ هَوَازِنَ مِثْلَ قَرْنِ الأعْضَبِ (١)
قال: ويقول بعضهم: إن الله وملائكته يصلون على النبيّ، فيرفعون على شركة الابتداء، ولا يعملون فيه إنَّ. قال: وقد سمعت الفصحاء من المحرمين يقولون: إن الحمد والنعمةَ لك والملك، لا شريك لك، قال: وقرأها قوم على تخفيف نون إن وإسكانها، قال: ويجوز لأنهم قد أدخلوا اللام في الابتداء وهي فصل، قال:
أُمُّ الحُلَيْس لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ (٢)
قال: وزعم قوم أنه لا يجوز، لأنه إذا خفف نون "إن" فلا بدّ له من أن يدخل "إلا" فيقول: إن هذا إلا ساحران.
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا (إنّ) بتشديد نونها،
(١) البيت للأخطل (خزانة الأدب للبغدادي ٢: ٣٧٢) من قصيدة له ستة عشر بيتا مدح بها العباس بن محمد بن عبد الله بن العباس. والبيت شاهد عند النحاة على أنه قد يعتبر الأول في اللفظ دون الثاني، أي يعتبر المبدل منه في اللفظ دون البدل فإن قوله " غدوها " بدل من السيوف، قال المبرد في الكامل: هو بدل اشتمال، وقد روعي المبدل منه في اللفظ، بإرجاع الضمير إليه من الخبر، ولم يراع البدل ولو روعي لقيل " تركا " بالتثنية. وهوازن: أبو قبيلة، وهو هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر. والأعضب: الذي انكسر أحد قرنيه. وأورد المؤلف البيت شاهدا على أنهم قد يرفعون المشترك، أي المعطوف على اسم إن، وليس في البيت عطف على اسم إن، وإنما هو إبدال من المنصوب كما قرره المبرد وأبو علي الفارسي في إيضاح الشعر.
(٢) هذا بيت من مشطور الرجز نسبه الصاغاني في العباب إلى عنترة بن عروش بالشين في آخره، وقيل بالسين، مولى ثقيف. (خزانة الأدب الكبرى للبغدادي ٤: ٣٢٨ - ٣٣٠). وهو شاهد على أنه شذ دخول اللام على خبر المبتدأ المؤخر، مجردا من إن. وقدر بعضهم: لهي عجوز، لتكون في التقدير داخلة على المبتدأ. قال ابن السراج في الأصول: قال أبو عثمان: وقرأ سعيد بن جبير (إلا أنهم لا يأكلون الطعام) : فتح أن، وجعل اللام زائدة كما زيدت في قوله:
أم الحليس لعجوز شهربه ترضى من اللحم بعظم الرقبة
انتهى. وعند ابن جني غير زائدة، لكنها في البيت ضرورة. قال في سر الصناعة: وأما الضرورة التي تدخل لها اللام في خبر إن فمن ضرورات الشعر، ولا يقاس عليها؛ والوجه أن يقال: لأم الحليس عجوز شهربه، كما يقال لزيد قائم. وأورد المؤلف البيت شاهدا على أن اللام فيه " وقيار بها لغريب " هي لام ابتداء أخرجت إلى الخبر، كما في قول الراجز: أم الحليس لعجوز، وأصله: لأم الحليس عجوز.


الصفحة التالية
Icon