على الخروج، كما يقال: أزمع عليه، ومنه قول الشاعر:
يا لَيت شِعْرِي والمُنى لا تَنْفَعُ | هَلْ أغْدُونْ يوْما وأمْرِي مُجْمعُ (١) |
وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل البصرة: (فاجْمِعُوا كَيْدكُمْ) بوصل الألف، وترك همزها، من جمعت الشيء، كأنه وجَّهه إلى معنى: فلا تدعَوا من كيدكم شيئا إلا جئتم به. وكان بعض قارئي هذه القراءة يعتلّ فيما ذُكر لي لقراءته ذلك كذلك بقوله (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ)..
قال أبو جعفر: والصواب في قراءة ذلك عندنا همز الألف من أجمع، لإجماع الحجة من القرّاء عليه، وأن السحرة هم الذين كانوا به معروفين، فلا وجه لأن يقال لهم: أجمعوا ما دعيتم له مما أنتم به عالمون، لأن المرء إنما يجمع ما لم يكن عنده إلى ما عنده، ولم يكن ذلك يوم تزيد في علمهم بما كانوا يعملونه من السحر، بل كان يوم إظهاره، أو كان متفرّقا مما هو عنده، بعضه إلى بعض، ولم يكن السحر متفرّقا عندهم فيجمعونه، وأما قوله (فَجَمَعَ كَيْدَهُ) فغير شبيه المعنى بقوله (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ) وذلك أن فرعون كان هو الذي يجمع ويحتفل بما يغلب به موسى مما لم يكن عنده مجتمعا حاضرا، فقيل: فتولى فرعون فجمع كيده.
(١) البيت في (اللسان: جمع) ولم ينسبه قال وجمع أمره وأجمع عليه: عزم عليه، كأنه جمع نفسه له، والأمر مجمع. ويقال أيضا. أجمع أمرك ولا تدعه منتشرا وقال آخر " يا ليت شعري... البيت " وقوله تعالى: " فأجمعوا أمركم وشركاءكم " أي وادعوا شركاءكم قال وكذلك هي في قراءة عبد الله؛ لأنه لا يقال أجمعت شركائي، إنما يقال جمعت، وقال الفراء الإجماع: الإعداد والعزيمة على الأمر قال ونصب شركائي بفعل مضمر، كأنك قلت فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم قال أبو إسحاق الذي قاله الفراء غلط في إضماره " وادعوا شركاءكم ". لأن الكلام لا فائدة له. لأنهم كانوا يدعون شركاءهم لأن يجمعوا أمرهم. قال والمعنى فأجمعوا أمركم مع شركاءكم، وإذا كان الدعاء لغير شيء فلا فائدة فيه قالوا والواو بمعنى مع. كقولك " لو يركب الناقة وفصيلها لرضعها " المعنى لو يركب الناقة مع فصيلها قال ومن قرأ " فأجمعوا أمركم وشركاءكم " بألف موصولة فإنه يعطف شركاءكم على أمركم قال ويجوز فأجمعوا أمركم مع شركائكم.