يعني على، جذع نخلة، وإنما قيل: في جذوع، لأن المصلوب على الخشبة يرفع في طولها، ثم يصير عليها، فيقال: صلب عليها.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) لما رأى السحرة ما جاء به عرفوا أنه من الله فخروا سجدا، وآمنوا عند ذلك، قال عدو الله (فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ)... الآية.
حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، قال فرعون: (فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) فقتلهم وقطعهم، كما قال عبد الله بن عباس حين قالوا (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) وقال: كانوا في أوّل النهار سحرة، وفي آخر النهار شهداء.
وقوله (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى) يقول: ولتعلمنَّ أيها السحرة أينا أشدّ عذابا لكم، وأدوم، أنا أو موسى.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (٧٣) ﴾
يقول تعالى ذكره: قالت السحرة لفرعون لما توعدهم بما توعدهم به (لَنْ نُؤْثِرَكَ) فنتبعك ونكذب من أجلك موسى (عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ) يعني من الحجج والأدلة على حقيقة ما دعاهم إليه موسى (وَالَّذِي فَطَرَنَا) يقول: قالوا: لن نؤثرك على الذي جاءنا من البينات، وعلى الذي فطرنا، ويعني بقوله (فَطَرَنا) خلقنا، فالذي من قوله (وَالَّذِي فَطَرَنَا) خفض على قوله (مَا جَاءَنَا) وقد يحتمل أن يكون قوله (وَالَّذِي فَطَرَنَا) خفضا على القسم، فيكون معنى الكلام: لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والله، وقوله (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ)