لهم عنه ولا انحراف، ولكنهم سراعا إليه ينحشرون، وقيل: لا عوج له، والمعنى: لا عوج لهم عنه، لأن معنى الكلام ما ذكرنا من أنه لا يعوجون له ولا عنه، ولكنهم يؤمونه ويأتونه، كما يقال في الكلام: دعاني فلان دعوة لا عوج لي عنها: أي لا أعوج عنها، وقوله (وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ) يقول تعالى ذكره: وسكنت أصوات الخلائق للرحمن فوصف الأصوات بالخشوع، والمعنى لأهلها إنهم خضع جميعهم لربهم، فلا تسمع لناطق منهم منطقا إلا من أذن له الرحمن.
كما حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ) يقول: سكنت.
وقوله (فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا) يقول:
إنه وطء الأقدام إلى المحشر، وأصله: الصوت الخفيّ، يقال همس فلان إلى فلان بحديثه إذا أسرّه إليه وأخفاه، ومنه قول الراجز:
وَهُنَّ يَمْشِينَ بنا هَمِيسًا | إنْ يَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسًا (١) |
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عليّ بن عابس، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا) قال: وطء الأقدام.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا) يعني: همس الأقدام، وهو الوطء.
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن
قال: وهو صوت نقل أخفاف الإبل. أهـ. وقال في أول المادة: الهمس: الخفي من الصوت والوطء والأكل. وفي التنزيل: " فلا تسمع إلا همسا ". وفي التهذيب: يعني به والله أعلم: خفق الأقدام على الأرض. وقال الفراء: يقال إنه نقل الأقدام إلى المحشر. ويقال: الصوت الخفي. وروي عن ابن عباس تمثل فأنشده * وهن يمشين بنا هميسا *
.