وقوله (وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) يقول: ولا كانوا أربابا لا يموتون ولا يفنون، ولكنهم كانوا بشرا أجسادا فماتوا، وذلك أنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قد أخبر الله عنهم (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعًا..) إلى قوله (أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا) قال الله تبارك وتعالى لهم: ما فعلنا ذلك بأحد قبلكم فنفعل بكم، وإنما كنا نرسل إليهم رجالا نوحي إليهم كما أرسلنا إليكم رسولا نوحي إليه أمرنا ونهينا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) أي لا بد لهم من الموت أن يموتوا.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩) ﴾
يقول تعالى ذكره: ثم صدقنا رسلنا الذين كذبّهم أممهم وسألتهم الآيات، فأتيناهم ما سألوه من ذلك، ثم أقاموا على تكذيبهم إياها، وأصرّوا على جحودهم نبوّتها بعد الذي أتتهم به من آيات ربها، وعدنا الذي وعدناهم من الهلاك على إقامتهم على الكفر بربهم بعد مجيء الآية التي سألوا، وذلك كقوله جل ثناؤه (فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ) وكقوله (وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ) ونحو ذلك من المواعيد التي وعد الأمم مع مجيء الآيات، وقوله (فأنجيناهم) يقول تعالى ذكره: فأنجينا الرسل عند إصرار أممها على تكذيبها بعد الآيات، (وَمَنْ نَشَاءُ) وهم أتباعها الذين صدقوها وآمنوا بها، وقوله (وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ) يقول تعالى ذكره: وأهلكنا الذين أسرفوا على أنفسهم بكفرهم بربهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ) والمسرفون: هم المشركون.
القول في تأويل قوله تعالى: {لَقَدْ أَنزلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ