قوله (بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ) وقوله بل: تحقيق لجحد قد عرفه المخاطبون بهذا الكلام، وإن لم يكن مذكورا في هذا الموضع ظاهرا.
ومعنى الكلام: وما لهم أن لا يعلموا أنه لا كالئ لهم من أمر الله إذا هو حلّ بهم ليلا أو نهارا، بل هم عن ذكر مواعظ ربهم وحججه التي احتجّ بها عليهم معرضون لا يتدبرون ذلك فلا يعتبرون به، جهلا منهم وسفها.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) ﴾
يقول تعالى ذكره: الهؤلاء المستعجلي ربهم بالعذاب آلهة تمنعهم، إن نحن أحللنا بهم عذابنا، وأنزلنا بهم بأسنا من دوننا؟ ومعناه: أم لهم آلهة من دوننا تمنعهم منا، ثم وصف جلّ ثناؤه الآلهة بالضعف والمهانة، وما هي به من صفتها، فقال وكيف تستطيع آلهتهم التي يدعونها من دوننا أن تمنعهم منا وهي لا تستطيع نصر أنفسها، وقوله: (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) اختلف أهل التأويل في المعني بذلك، وفي معنى يُصْحبون، فقال بعضهم: عنى بذلك الآلهة، وأنها لا تصحب من الله بخير.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ) يعني الآلهة (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) يقول: لا يصحبون من الله بخير.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا هم منا ينصرون.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا أبو ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) قال: لا ينصرون.