الْحَرْثِ)... إلى قوله (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ) يقول: كنا لما حكما شاهدين، وذلك أن رجلين دخلا على داود، أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم، فقال صاحب الحرث: إن هذا أرسل غنمه في حرثي، فلم يُبق من حرثي شيئا، فقال له داود: اذهب فإن الغنم كلها لك، فقضى بذلك داود، ومرّ صاحب الغنم بسليمان، فأخبره بالذي قضى به داود، فدخل سليمان على داود فقالا يا نبيّ الله إن القضاء سوى الذي قضيت، فقال: كيف؟ قال سليمان: إن الحرث لا يخفى على صاحبه ما يخرج منه في كل عام، فله من صاحب الغنم أن يبيع من أولادها وأصوافها وأشعارها حتى يستوفي ثمن الحرث، فإن الغنم لها نسل في كلّ عام، فقال داود: قد أصبت، القضاء كما قضيت، ففهَّمها الله سليمان.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن علي بن زيد، قال: ثني خليفة، عن ابن عباس قال: قضى داود بالغنم لأصحاب الحرث، فخرج الرُّعاة معهم الكلاب، فقال سليمان: كيف قضى بينكم؟ فأخبروه، فقال: لو وافيت أمركم لقضيت بغير هذا، فأُخبر بذلك داود، فدعاه فقال: كيف تقضي بينهم؟ قال: أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث، فيكون لهم أولادها وألبانها وسلاؤها ومنافعها، ويبذر أصحاب الغنم لأهل الحرث مثل حرثهم، فإذا بلغ الحرث الذي كان عليه، أخذ أصحاب الحرث الحرث، وردّوا الغنم إلى أصحابها.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، قال: ثنا ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله (إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) قال: أعطاهم داود رقاب الغنم بالحرث، وحكم سليمان بجزة الغنم وألبانها لأهل الحرث، وعليهم رعايتها على أهل الحرث، ويحرث لهم أهل الغنم حتى يكون الحرث كهيئته يوم أُكل، ثم يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم.
حدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثني ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج بنحوه، إلا أنه قال: وعليهم رعيها.