بن مسعود، قال: " دخلت ناقة للبراء بن عازب حائطا لبعض الأنصار فأفسدته، فرُفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال (إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ) فقضى على البراء بما أفسدته الناقة، وقال عَلى أصحَابِ المَاشِيةِ حِفْظُ المَاشِيَةِ باللَّيْلِ، وَعَلى أصحَابِ الحَوَائِطِ حِفْظُ حِيطانِهِمْ بالنَّهارِ".
قال الزهري: وكان قضاء داود وسليمان في ذلك أن رجلا دخلت ماشيته زرعا لرجل فأفسدته، ولا يكون النفوش إلا بالليل، فارتفعا إلى داود، فقضى بغنم صاحب الغنم لصاحب الزرع، فانصرفا فمرا بسليمان، فقال: بماذا قضى بينكما نبيّ الله؟ فقالا قضى بالغنم لصاحب الزرع، فقال: إن الحكم لعلى غير هذا، انصرفا معي! فأتى أباه داود، فقال: يا نبيّ الله، قضيت على هذا بغنمه لصاحب الزرع؟ قال نعم. قال: يا نبيّ الله، إن الحكم لعلى غير هذا، قال: وكيف يا بنيّ؟ قال: تدفع الغنم إلى صاحب الزرع، فيصيب من ألبانها وسمونها وأصوافها، وتدفع الزرع إلى صاحب الغنم يقوم عليه، فإذا عاد الزرع إلى حاله التي أصابته الغنم عليها، ردّت الغنم على صاحب الغنم، وردّ الزرع إلى صاحب الزرع، فقال داود: لا يقطع الله فمك، فقضى بما قضى سليمان، قال الزهري:
فذلك قوله (وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ) | إلى قوله (حُكْمًا وَعِلْمًا). |
وقوله (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ) يقول تعالى ذكره: وسخرنا مع داود الجبال، والطير يسبحن معه إذا سبح.
وكان قَتادة يقول في معنى قوله (يُسَبِّحْنَ) في هذا الموضع ما حدثنا به بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ) : أي يصلين مع داود إذا صلى.
وقوله (وَكُنَّا فَاعِلِينَ) يقول: وكنا قد قضينا أنا فاعلو ذلك، ومسخرو الجبال والطير في أمّ الكتاب مع داود عليه الصلاة والسلام.