سواء فاستأنف به، ورفع لم يقله في معتدل، لأن معتدل فعل مصرّح، وسواء مصدر فإخراجهم إياه إلى الفعل كإخراجهم حسب في قولهم: مررت برجل حسبك من رجل إلى الفعل. وقد ذُكر عن بعض القرّاء أنه قرأه نصبا على إعمال جعلناه فيه، وذلك وإن كان له وجه في العربية، فقراءة لا أستجيز القراءة بها لإجماع الحجة من القرّاء على خلافه.
وقوله: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) يقول تعالى ذكره: ومن يرد فيه إلحادا بظلم نذقه من عذاب أليم، وهو أن يميل في البيت الحرام بظلم، وأدخلت الباء في قوله بإلحاد، والمعنى فيه ما قلت، كما أدخلت في قوله: (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) والمعنى: تنبت الدهن، كما قال الشاعر:
بِوَادِ يَمَانٍ ينبت الشَّثَّ صَدْرُهُ | وأسْفَلُهُ بالمَرْخِ والشَّبَهانِ (١) |
ضَمِنَتْ بِرزْقِ عِيالِنا أرْماحُنا | بينَ المَرَاجِلِ والصَّرِيحِ الأجْرَدِ (٢) |
(١) البيت للأحول اليشكري، واسمه يعلى قاله في (اللسان: شبه) نقله عن أبي عبيدة. وقد مر هذا الشاهد على مثل ما استشهد به المؤلف هنا، عند قوله تعالى: " وهزي إليك بجذع النخلة " (١٦: ٧٢) ووفينا الكلام في رواياته وتخريجه، فراجعه ثمة.
(٢) هذا البيت ينسب لأعشى بني قيس بن ثعلبة، ولم أجد في ديوانه قصيدة دالية مكسورة من بحر الكامل، ووجدت البيت في دالية منصوبة باختلاف في رواية وهذا هو البيت مع البيتين قبله:
وعلى هاتين الروايتين لا شاهد في البيت؛ لأن المؤلف إنما ساقه شاهدا على زيادة الباء في قوله " برزق " ولا باء زائدة في هاتين الروايتين. وقد جعل الباء في قوله (برزق) نظير الباء التي في الآية: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ أي على تقدير ومن يرد فيه إلحادا بظلم.
(٢) هذا البيت ينسب لأعشى بني قيس بن ثعلبة، ولم أجد في ديوانه قصيدة دالية مكسورة من بحر الكامل، ووجدت البيت في دالية منصوبة باختلاف في رواية وهذا هو البيت مع البيتين قبله:
جَعَلَ الإلَهُ طَعامَنا في مالِنا | رِزْقا تَضَمَّنَهُ لَنا لَنْ يَنْفَدا |
مِثْلَ الهِضَابِ جَزَارَةً لسُيُوفنا | فإذَا تُراعُ فِإنَّهَا لَنْ تُطْرَدَا |
ضَمنَتْ لَنا أعْجَازُهُنَّ قُدُورَنا | وَضُرُوعُهُنَّ لَنا الصَّرِيحَ الأجْرَدَا |
ضَمِنَتْ لَنا أعْجَازَهُ أرْماحُنا | مِلْءَ المَرَاجِلِ والصَّرِيحَ الأجْرَدَا |