حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (عُصْبَةٌ مِنْكُمْ) قال: أصحاب عائشة عبد الله بن أُبيّ ابن سلول، ومسطح، وحسان.
قال أبو جعفر: له من الله عذاب عظيم يوم القيامة.
وقد اختلفت القرّاء في قراءة قوله: (كِبْرهُ) فقرأت ذلك عامة قراء الأمصار: (كِبْرَهُ) بكسر الكاف، سوى حميد الأعرج، فإنه كان يقرؤه "كُبْرهُ" بمعنى: والذي تحمل أكبره.
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب: القراءة التي عليها عوامّ القرّاء، وهي كسر الكاف، لإجماع الحجة من القرّاء عليها، وأن الكبر بالكسر: مصدر الكبير من الأمور، وأن الكبر بضم الكاف إنما هو من الولاء والنسب من قولهم: هو كُبر قومه، والكبر في هذا الموضع: هو ما وصفناه من معظم الإثم والإفك. فإذا كان ذلك كذلك، فالكسر في كافه هو الكلام الفصيح دون ضمها، وإن كان لضمها وجه مفهوم.
وقد اختلف أهل التأويل في المعنيّ بقوله: (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ) الآية، فقال بعضهم: هو حسان بن ثابت.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن قزعة، قال: ثنا مسلمة بن علقمة، قال: ثنا داود، عن عامر، أن عائشة قالت: ما سمعت بشيء أحسن من شعر حسان، وما تمثلت به إلا رجوت له الجنة، قوله لأبي سفيان:
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ... وَعِنْدَ الله في ذاكَ الجَزَاءُ... فإنَّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي... لِعِرْضِ مُحمّدٍ مِنْكُمْ وقاءُ... أتَشْتُمُهُ وَلَسْتَ لَهُ بكُفءٍ... فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُما الفِداءُ... لسانِي صَارمٌ لا عَيْبَ فِيه... وبَحْري لا تُكَدّرهُ الدّلاءُ (١)

(١) هذه الأبيات الأربعة لحسان بن ثابت الأنصاري، شاعر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، يهجو بها أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب شاعر قريش قبل إسلامه. وهي من قصيدته التي مطلعها:: " عفت ذات الأصابع فالجواء ". والأبيات قرب نهاية القصيدة، وقبلها. ألا أبلغ أبا سفيان عني... مغلغلة فقد برح الخفاء
= (وانظر القصيدة في سيرة ابن هشام طبعة الحلبي ج ٤: ٦٤ - ٦٦) وقد استشهد بها المؤلف على أن حسان كان ممن خاض في حديث الإفك الذي رميت به أم المؤمنين عائشة المبرأة، رضي الله عنها


الصفحة التالية
Icon