الفاحشة. وذكر أنها في قراءة أُبيّ: " إذ تَتَلقَّوْنه" بتاءين، وعليها قراءة الأمصار، غير أنهم قرءوها: (تَلَقَّوْنَهُ) بتاء واحدة؛ لأنها كذلك في مصاحفهم.
وقد رُوي عن عائشة في ذلك، ما حدثني به محمد بن عبد الله بن عبد الحكَم، قال: ثنا خالد بن نزار، عن نافع، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة زوج النبيّ ﷺ أنها كانت تقرأ هذه الآية: " إذْ تَلِقُونَهُ بِألْسِنَتكُمْ" تقول: إنما هو وَلْق الكذب، وتقول: إنما كانوا يلقون الكذب. قال ابن أبي مليكة: وهي أعلم بما فيها أنزلت، قال نافع: وسمعت بعض العرب (١) يقول: اللَّيق: الكذب.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا نافع بن عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الجمحِيّ، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، أنها كانت تقرأ: "إذْ تَلِقُونَهُ بألْسِنَتِكم" وهي أعلم بذلك وفيها أنزلت، قال ابن أبي مليكة: هو من وَلْق الكذب.
قال أبو جعفر: وكأن عائشة وجَّهت معنى ذلك بقراءتها "تَلِقُونَهُ" بكسر اللام وتخفيف القاف، إلى: إذ تستمرّون في كذبكم عليها، وإفككم بألسنتكم، كما يقال: ولق فلان في السير فهو يَلِق: إذا استمرّ فيه; وكما قال الراجز:
إنَّ الجُلَيْدَ زَلِقٌ وَزُمَلِقْ | جاءتْ بِهِ عَنْسٌ مِنَ الشَّأمِ تَلِقْ |
وقد رُوي عن العرب في الوَلْق: الكذب: الألْق، والإلِق: بفتح الألف وكسرها، ويقال في فعلت منه: ألقت، فأنا ألق، وقال بعضهم:
مَنْ لِيَ بالمُزَرَّرِ اليَلامِقِ | صاحِبِ أدْهانٍ وألقٍ آلِقِ (٣) |
(٢) هذه الأبيات ثلاثة من مشطور الرجز، للقلاخ بن حزن المنقري نقلها صاحب (اللسان: زلق). قال: رجل زلق وزملق مثال هديد وزمالق وزملق (بتشديد الميم)، وهو الذي ينزل قبل أن يجامع. قال القلاخ بن حزن المنقري... الأبيات: ثم قال: والجليد: هو الجليد الكلابي. التهذيب: والعرب تقول: زلق وزملق، وهو الشكاز، الذي ينزل إذا حدث المرأة من غير جماع. قال ويقال للخفيف الطياش: زمل وزملوق وزمالق وفي (اللسان: ولق). قال: وولق في سيره ولقا: أسرع. ونسب أبيات الشاهد للشماخ، ولم أجدها في ديوان الشماخ المطبوع بمصر سنة ١٣٢٧. ١ هـ.
(٣) هذان بيتان من الرجز أنشدها الأزهري عن بعضهم (اللسان: ولق). وألق الكلام: متابعته في سرعة. والألق: الاستمرار في الكذب وألق يألق ألقا مثال ضرب يضرب ضربا. واليلامق: جمع يلمق، وهو القباء (فارسي معرب)... واستشهد المؤلف بالبيتين على أن بعضهم قرأ قوله تعالى: ﴿إذ تلقونه بألسنتكم﴾ بكسر اللام، وتخفيف القاف، على أنه بمعنى الاستمرار في الكذب