الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣) }
يقول تعالى ذكره: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ) بالفاحشة (الْمُحْصَنَاتِ) يعني العفيفات (الْغَافِلاتِ) عن الفواحش (الْمُؤْمِنَاتِ) بالله ورسوله، وما جاء به من عند الله، (لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) يقول: أبْعدوا من رحمة الله في الدنيا والآخرة، (وَلَهُمْ) في الآخرة (عَذَابٌ عَظِيمٌ) وذلك عذاب جهنم.
واختلف أهل التأويل في المحصنات اللاتي هذا حكمهنّ، فقال بعضهم: إنما ذلك لعائشة خاصة، وحكم من الله فيها وفيمن رماها، دون سائر نساء أمة نبينا صلى الله عليه وسلم
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن أبي الشوارب، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، قال: ثنا خَصِيف، قال: قلت لسعيد بن جُبير: الزنا أشدّ أم قذف المحصَنة؟ فقال: الزنا، فقلت: أليس الله يقول: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ)... الآية؟ قال سعيد: إنما كان هذا لعائشة خاصة.
حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، قال: ثنا أبو عوانة، عن عمر بن أبي سَلَمة، عن أبيه، قال: قالت عائشة: رُميت بما رُميت به وأنا غافلة، فبلغني بعد ذلك، قالت: فبينما رسول الله ﷺ عندي جالس، إذ أوحي إليه، وكان إذا أوحي إليه أخذه كهيئة السبات، وأنه أُوحي إليه وهو جالس عندي، ثم استوى جالسا يمسح عن وجهه، وقال: يا عائشة أبشري، قالت: فقلت: بحمد الله لا بحمدك، فقرأ: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ)... حتى بلغ: (أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ).
وقال آخرون: بل ذلك لأزواج رسول الله ﷺ خاصة، دون سائر النساء غيرهنّ.
*ذكر من قال ذلك:
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ)... الآية، أزواج النبيّ ﷺ خاصة.