حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد أو عكرمة، عن ابن عباس نحوه، إلا أنه جعل قوله: "فأنزل الله في النضر ثماني آيات"، عن ابن إسحاق، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج (أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ) أشعارهم وكهانتهم، وقالها النضر بن الحارث.
فتأويل الكلام: وقال هؤلاء المشركون بالله، الذين قالوا لهذا القرآن (إن هذا إلا إفك افتراه) محمد صلى الله عليه وسلم: هذا الذي جاءنا به محمد أساطير الأوّلين، يعنون أحاديثهم التي كانوا يسطرونها في كتبهم، اكتتبها محمد ﷺ من يهود، (فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ) يعنون بقوله: (فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ) فهذه الأساطير تقرأ عليه، من قولهم: أمليت عليك الكتاب وأمللت (بُكْرَةً وَأَصِيلا) يقول: وتملى عليه غدوة وعشيا.
وقوله: (قُلْ أَنزلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المكذّبين بآيات الله من مشركي قومك: ما الأمر كما تقولون من أن هذا القرآن أساطير الأولين، وأن محمد ﷺ افتراه وأعانه عليه قوم آخرون، بل هو الحقّ، أنزله الربّ الذي يعلم سرّ من في السماوات ومن في الأرض، ولا يخفى عليه شيء، ومحصي ذلك على خلقه، ومجازيهم بما عزمت عليه قلوبهم، وأضمروه في نفوسهم (إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) يقول: إنه لم يزل يصفح عن خلقه ويرحمهم، فيتفضل عليهم بعفوه، يقول: فلأن ذلك من عادته في خلقه، يمهلكم أيها القائلون ما قلتم من الإفك، والفاعلون ما فعلتم من الكفر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج (قُلْ أَنزلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) قال: ما يسرّ أهل الأرض وأهل السماء.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأسْوَاقِ لَوْلا أُنزلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنز أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا