(لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه)، وذلك هجرهم إياه.
وقوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وكما جعلنا لك يا محمد أعداء من مشركي قومك، كذلك جعلنا لكل من نبأناه من قبلك عدوّا من مشركي قومه، فلم تخصص بذلك من بينهم. يقول: فاصبر لما نالك منهم كما صبر من قبلك أولو العزم من رسلنا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن عباس: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) قال: يوطن محمدا ﷺ أنه جاعل له عدوّا من المجرمين كما جعل لمن قبله.
وقوله: (وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) يقول تعالى ذكره لنبيه: وكفاك يا محمد بربك هاديا يهديك إلى الحقّ، ويبصرك الرشد، ونصيرا: يقول: ناصرا لك على أعدائك، يقول: فلا يهولنك أعداؤك من المشركين، فإني ناصرك عليهم، فاصبر لأمري، وامض لتبليغ رسالتي إليهم.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا (٣٢) ﴾
يقول تعالى ذكره: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله (لَوْلا نزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ) يقول: هلا نزل على محمد ﷺ القرآن (جُمْلَةً وَاحِدَةً) كما أنزلت التوراة على موسى جملة واحدة؟ قال الله: (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ) تنزيله عليك الآية بعد الآية، والشيء بعد الشيء، لنثبت به فؤادك نزلناه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نزلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا) قال: كان الله ينزل عليه الآية، فإذا علمها نبيّ الله نزلت آية أخرى ليعلمه الكتاب عن ظهر قلب، ويثبت به فؤاده.