مُؤْمِنِينَ إِنْ نَشَأْ نُنزلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً) قال: لو شاء الله لأراهم أمرا من أمره لا يعمل أحد منهم بعده بمعصية.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) قال: ملقين أعناقهم.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ) قال: الخاضع: الذليل.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فظلت سادتهم وكبراؤهم للآية خاضعين، ويقول: الأعناق: هم الكبراء من الناس.
واختلف أهل العربية في وجه تذكير (خاضعين)، وهو خبر عن الأعناق، فقال بعض نحوييّ البصرة: يزعمون أن قوله (أعْنَاقُهُمْ) على الجماعات، نحو: هذا عنق من الناس كثير، أو ذُكِّر كما يذكَّر بعض المؤنث، كما قال الشاعر:
تَمَزَّزْتُها والدّيكُ يَدْعُو صَبَاحَهُ... إذا ما بنو نَعْشٍ دَنَوْا فَتَصَوَّبُوا (١)
فجماعات هذا أعناق، أو يكون ذكره لإضافته إلى المذكر كما يؤنث لإضافته إلى

(١) هذا البيت أنشده سيبويه للنابغة الجعدي، (اللسان: نعش) وقبله بيت آخر، يصف بهما الخمر، وهو قوله: وَصَهْبَاءُ لا يَخْفَى الْقَذَى وَهْيَ دُونَهُ... تُصَفَّقُ في رأوُوقِهَا ثُمَّ تُقْطَبُ
قال: وبنات نعش سبعة كواكب، أربعة منها مربعة، وثلاثة بنات نعش، الواحد: ابن نعش لأن الكوكب مذكر فيذكرونه على تذكيره. وإذا قالوا: ثلاث أو أربع ذهبوا إلى البنات، وكذلك بنات نعش الصغرى. واتفق سيبويه والفراء على ترك صرف نعش للمعرفة والتأنيث. وقيل: شبهت بحملة النعش في تربيعها. وجاء في الشعر بنو نعش، أنشد سيبويه للنابغة الجعدي: * وصهباء لا يخفي.........*
" البيتان، الصهباء: الخمر. وقوله: "لا يخفى القذى وهي دونه" أي لا تستره إذا وقع فيها، لكونها صافية، فالقذى يرى فيها إذا وقع. وقوله: وهي دونه: يريد أن القذى إذا حصل في أسفل الإناء، رآه الرائي في الموضع الذي فوقه الخمر، والخمر أقرب إلى الرائي من القذى. يريد أنها يرى ما وراءها. وتصفق تدار من إناء إلى إناء وقوله: تمززتها: أي شربتها قليلا قليلا. وتقطب: تمزج بالماء. قال الأزهري: وللشاعر إذا اضطر أن يقول: بنو نعش، كما قال الشاعر، وأنشد البيت، ووجه الكلام: بنات نعش، كما قالوا: بنات آوى وبنات عرس، والواحد منها ابن عرس، يؤنثون جمع ما خلا الآدميين. ورواية أبي عبيدة في (مجاز القرآن ص ١٧١) : شربت إذا ما الديك... إلخ البيت.


الصفحة التالية
Icon