حضرا (١) في أعينهم، ولا تبرح، حبست عن موسى وأصحابه حتى تواروا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله: (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ) قال: فرعون وأصحابه، وخيل فرعون في ملء أعنتها في رأي عيونهم، ولا تبرح، حبست عن موسى وأصحابه حتى تواروا.

(١) في الأصل خضراء، والراجح أنه "حضرًا"، وهو الأسراع في العدو. أي: يرونها مسرعة وهي لا تبرح أماكنها.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣) ﴾
يقول تعالى ذكره: فلما تناظر الجمعان: جمع موسى وهم بنو إسرائيل، وجمع فرعون وهم القبط (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) أي إنا لملحقون، الآن يلحقنا فرعون وجنوده فيقتلوننا، وذكر أنهم قالوا ذلك لموسى، تشاؤما بموسى.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: قلت لعبد الرحمن (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) قال: تشاءموا بموسى، وقالوا: (أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا).
حدثنا موسى، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ) فنظرت بنو إسرائيل إلى فرعون قد رمقهم قالوا (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قالوا يَامُوسَى أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) اليوم يدركنا فرعون فيقتلنا، إنا لمدركون; البحر بين أيدينا، وفرعون من خلفنا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، قال: لما انتهى موسى إلى البحر، وهاجت الريح العاصف، فنظر أصحاب موسى خلفهم إلى الريح، وإلى البحر أمامهم (قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ).


الصفحة التالية
Icon