بدلالة "يا"عليها. وذكر بعضهم سماعا من العرب: ألا يا ارحمنا، ألا يا تصدّق علينا; واستشهد أيضا ببيت الأخطل:
ألا يا اسْلَمي يا هِنْدَ هنْدَ بَنِي بَدرٍ | وَإنْ كان حَيَّانا عِدًا آخِرَ الدَّهْر (١) |
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار قد قرأ بكلّ واحدة منهما علماء من القراء مع صحة معنييهما.
واختلف أهل العربية في وجه دخول "يا" في قراءة من قرأه على وجه الأمر، فقال بعض نحوييِّ البصرة: من قرأ ذلك كذلك، فكأنه جعله أمرا، كأنه قال لهم: اسجدوا، وزاد "يا" بينهما التي تكون للتنبيه، ثم أذهب ألف الوصل التي في اسجدوا، وأذهبت الألف التي في "يا"؛ لأنها ساكنة لقيت السين، فصار ألا يسجدوا. وقال بعض نحويي الكوفة: هذه "يا"التي تدخل للنداء يكتفى بها من الاسم، ويكتفى بالاسم منها، فتقول: يا أقبل، وزيد أقبل، وما سقط من السواكن فعلى هذا.
ويعني بقوله: (يُخْرِجُ الْخَبْءَ) يخرج المخبوء في السموات والأرض من غيث في السماء، ونبات في الأرض ونحو ذلك.
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وإن اختلفت عبارتهم عنه.
(١) البيت: نسبه في (اللسان: عدا) إلى الأخطل التغلبي الشاعر الأموي. قال: وقد جاء في الشعر العدى: بمعنى الأعداء. وقال ابن الأعرابي في قول الأخطل: "ألا يا اسلمي.." البيت: العدى: التباعد. وقوم عدى: إذا كانوا متباعدين لا أرحام بينهم ولا حلف. وقوم عدى: إذا كانوا حربًا. وقد روى البيت بالكسر والضم، مثل سوى وسوى. الأصمعي: يقال: هؤلاء قوم عدى مقصور، يكون للأعداء وللغرباء. ولا يقال: قوم عدى (بضم العين) إلا أن تدخل الهاء، فتقول: عداة، في وزن قضاة. قال أبو زيد: طالت عدواءهم، أي تباعدهم وتفرقهم. وشاهد المؤلف في هذا البيت: أن حرف النداء يا، داخل على منادي محذوف. تقديره: ألا يا هذه اسلمي. وهو نظير قول الله عز وجل: "ألا يا اسجدوا" تقديره: ألا يا هؤلاء اسجدوا. فأضمر هؤلاء، اكتفاء بدلالة "يا" عليها.