وقوائمه من جوهر مكلَّل باللؤلؤ، فعرف أنهم إن جاءوه مسلمين لم تحلّ لهم أموالهم، فقال للجنّ: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ).
وقال آخرون: بل فعل ذلك سليمان ليعاتبها به، ويختبر به عقلها، هل تثبته إذا رأته، أم تنكره؟
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: أعلم الله سليمان أنها ستأتيه، فقال: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) حتى يعاتبها، وكانت الملوك يتعاتبون بالعلم.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) فقال بعضهم: معناه: قبل أن يأتوني مستسلمين طوعا.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) يقول: طائعين.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: قبل أن يأتوني مسلمين الإسلام الذي هو دين الله.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جُرَيج: (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) بحرمة الإسلام فيمنعهم وأموالهم، يعني الإسلام يمنعهم.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال بالصواب في السبب الذي من أجله خصّ سليمان بسؤاله الملأ من جنده بإحضاره عرش هذه المرأة دون سائر ملكها عندنا، ليجعل ذلك حجة عليها في نبوته، ويعرفها بذلك قدرة الله وعظيم شأنه، أنها خلَّفته في بيت في جوف أبيات، بعضها في جوف بعض، مغلق مقفل عليها، فأخرجه الله من ذلك كله، بغير فتح أغلاق وأقفال، حتى أوصله إلى ولية من خلقه، وسلمه إليه، فكان لها في ذلك أعظم حجة، على حقيقة ما دعاها إليه سليمان، وعلى صدق سليمان فيما أعلمها من نبوّته.
فأما الذي هو أولى التأويلين في قوله (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) بتأويله، فقول