لله إلى أحد من خلقه، وإنما دعاهم إلى شكره تعريضا منه لهم للنفع، لا لاجتلاب منه بشكرهم إياه نفعا إلى نفسه، ولا دفع ضرّ عنها (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) يقول: ومن كفر نعمه وإحسانه إليه، وفضله عليه، لنفسه ظلم، وحظَّها بخَس، والله غنيّ عن شكره، لا حاجة به إليه، لا يضرّه كفر من كفر به من خلقه، كريم، ومن كرمه إفضاله على من يكفر نعمه، ويجعلها وصلة يتوصل بها إلى معاصيه.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ (٤١) ﴾
يقول تعالى ذكره: قال سليمان -لما أتى عرش بلقيس صاحبة سبإٍ، وقدمت هي عليه، لجنده: غيِّروا لهذه المرأة سريرها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قتادة، قوله: (نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا) قال: غيروا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: فلما أتته (قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا) قال: وتنكير العرش، أنه زيد فيه ونقص.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا) قال: غيِّروه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، نحوه.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا) قال: مجلسها الذي تجلس فيه.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا) أمرهم أن يزيدوا فيه، وينقصوا منه.