الكلام: كلوا من طيبات ما رزقناكم. فخالفوا ما أمرناهم به وعصوا ربهم، ثم رسولنا إليهم، و"ما ظلمونا"، فاكتفى بما ظهر عما ترك.
وقوله: (وما ظلمونا) يقول: وما ظلمونا بفعلهم ذلك ومعصيتهم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
ويعني بقوله: (وما ظلمونا)، وما وضعوا فعلهم ذلك وعصيانهم إيانا موضع مضرة علينا ومنقصة لنا، ولكنهم وضعوه من أنفسهم موضع مضرة عليها ومنقصة لها. كما: -
٩٩٩ - حدثنا عن المنجاب قال، حدثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: (وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) قال: يضرون.
* * *
وقد دللنا فيما مضى، على أن أصل"الظلم": وضع الشيء في غير موضعه - بما فيه الكفاية، فأغنى ذلك عن إعادته. (١)
* * *
وكذلك ربنا جل ذكره، لا تضره معصية عاص، ولا يتحيَّف خزائنه ظلم ظالم، ولا تنفعه طاعة مطيع، ولا يزيد في ملكه عدل عادل، بل نفسه يظلم الظالم، وحظها يبخس العاصي، وإياها ينفع المطيع، وحظها يصيب العادل.
* * *

(١) انظر ما مضى ١: ٥٢٣ - ٥٢٤، وهذا الجزء ٢: ٦٩.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ﴾
و"القرية" -التي أمرهم الله جل ثناؤه أن يدخلوها، فيأكلوا منها رغدا حيث شاءوا- فيما ذكر لنا: بيت المقدس * ذكر الرواية بذلك:
٩٩٩ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أنبأنا عبد الرزاق قال، أنبأنا معمر، عن قتادة في قوله: (ادخلوا هذه القرية)، قال: بيت المقدس.
١٠٠٠ - حدثني موسى بن هارون قال، حدثني عمرو بن حماد قال، حدثنا


الصفحة التالية
Icon