فلا أعتب ابن العم إن كان جاهلا وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا (١)
يعني بقوله: وأغفر عنه الجهل: أستر عليه جهله بحلمي عنه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿خَطَايَاكُمْ﴾
و"الخطايا" جمع"خطية" بغير همز، كما"المطايا" جمع"مطية"، والحشايا جمع حشية. وإنما ترك جمع"الخطايا" بالهمز، لأن ترك الهمز في"خطيئة" أكثر من الهمز، فجمع على"خطايا"، على أن واحدتها غير مهموزة. ولو كانت"الخطايا" مجموعة على"خطيئة" بالهمز: لقيل خطائي على مثل قبيلة وقبائل، وصحيفة وصحائف. وقد تجمع"خطيئة" بالتاء، فيهمز فيقال"خطيئات". و"الخطيئة" فعيلة، من " خَطِئَ الرجل يخطأ خِطْأ "، وذلك إذا عدل عن سبيل الحق. ومنه قول الشاعر: (٢)
وإن مُهَاجِرَيْن تَكَنَّفاه لعمر الله قد خطئا وخابا (٣)
يعني: أضلا الحق وأثما.
* * *
(١) ديوانه، قصيدة" ٣١. وهذه الرواية جاءت في شرح شواهد المغني: ١٣٧، وأما في سائر الكتب:"إن كان ظالما"، وهي أجود. وقوله:"أجهل" بمعنى جاهل، كما قالوا"أوجل" بمعنى وجل، وأميل بمعنى مائل، وأوحد بمعنى واحد، وغيرها. ورواية صدر البيت على الصواب:"ألا أعتب" كما في المفضليات ٥٩٠ وغيره، أو"وقد أعتب" كما في القرطين ٢: ٦٩. ويروى"ولا أشتم ابن العم". يقول: أبلغ رضاه إذا ظلم او جهل، فأترك له ما لا يحب إلى ما يرضاه.
(٢) هو أمية بن الأسكر (طبقات فحول الشعراء: ١٥٩ - ١٦٠)
(٣) أمالي القالي ٣: ١٠٩، وكتاب المعمرين: ٦٨ والخزانة ٢: ٤٠٥، ويروى صدره"أتاه مهاجران تكنفاه". وأما عجزه فاختلفت رواياته: "بترك كبيرة خطئا.. " و"ليترك شيخه خطئا.. "، "ففارق شيخه،.. " وكان أمية قد أسن، عمر في الجاهلية عمرا طويلا، وألفاه الإسلام هرما. ثم جاء زمن عمر، فخرج ابنه كلاب غازيا، وتركه هامة اليوم أو غد. فقال أبياتا منها هذا للبيت، فلما سمعها عمر، كتب إلى سعد بن أبي وقاص: أن رحل كلاب بن أمية بن الأسكر، فرحله. وله مع عمر في هذه الحادثة قصة جيدة (في القالي ١: ١٠٩).


الصفحة التالية
Icon