وقد ذكر أن تسمية الحنطة والخبز جميعا"فوما" من اللغة القديمة. حكي سماعا من أهل هذه اللغة:"فوموا لنا"، بمعنى اختبزوا لنا.
* * *
وذكر أن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود:"وثومها" بالثاء. (١) فإن كان ذلك صحيحا، فإنه من الحروف المبدلة كقولهم:"وقعوا في عاثور شر: وعافور شر" وكقولهم""للأثافي، أثاثي؛ وللمغافير، مغاثير" وما أشبه ذلك مما تقلب الثاء فاء والفاء ثاء، لتقارب مخرج الفاء من مخرج الثاء. و"المغافير" شبيه بالشيء الحلو، يشبه بالعسل، ينزل من السماء حلوا، يقع على الشجر ونحوها.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾
يعني بقوله: (قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)، قال: لهم موسى: أتأخذون الذي هو أخس خطرا وقيمة وقدرا من العيش، بدلا بالذي هو خير منه خطرا وقيمة وقدرا؟ وذلك كان استبدالهم.
* * *
وأصل"الاستبدال": هو ترك شيء لآخر غيره مكان المتروك.
* * *
ومعنى قوله: (أدنى) أخس وأوضع وأصغر قدرا وخطرا. وأصله من قولهم:"هذا رجل دني بين الدناءة" و"إنه ليدنِّي في الأمور" بغير همز، إذا كان يتتبع خسيسها. وقد ذكر الهمز عن بعض العرب في ذلك، سماعا منهم. يقولون:"ما كنتَ دانئا، ولقد دنأتَ، (٢) وأنشدني بعض أصحابنا عن غيره، أنه سمع بعض بني كلاب ينشد بيت الأعشى (٣)

(١) انظر معاني القرآن للفراء ١: ٤١
(٢) هذا كله من قول الفراء في معاني القرآن ١: ٤٢. وكان في المطبوعة"ما كنت دنيا"، والصواب ما أثبته من كتاب الفراء.
(٣) الذي سمع هذا هو الفراء. انظر معاني القرآن له ١: ٤٢، والطبري يجهله دائما


الصفحة التالية
Icon