"سدفة"، والضياء"سدفة"، والمغيث"صارخا"، والمستغيث"صارخا"، وما أشبه ذلك من الأسماء التي تسمي بها الشيء وضده. ومما يدل على أنه يسمى به اليقين، قول دريد بن الصمة:

فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المسرد (١)
يعني بذلك: تيقنوا ألفي مدجج تأتيكم. وقول عميرة بن طارق:
بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكم وأجعل مني الظن غيبا مرجما (٢)
يعني: وأجعل مني اليقين غيبا مرجما. والشواهد من أشعار العرب وكلامها
(١) الأصمعيات: ٢٣، وشرح الحماسة ٢: ١٥٦، ومجاز القرآن لأبي عبيدة: ٤٠، وسيأتي غير منسوب في ٢٥: ٨٣، وغير منسوب في ١٣: ٥٨ برواية أخرى:"فظنوا بألفي فارس متلبب"، وقبل البيت في رواية الأصمعي:ورواية أبي تمام: "نصحت لعارض".. "فقلت لهم ظنوا.. " وهذا الشعر قاله في رثاء أخيه عبد الله بن الصمة، وهو عارض، المذكور في شعره. المدجج: الفارس الذي قد تدجج في شكته، أي دخل في سلاحه، كأنه تغطى به. والسراة جمع سري: وهم خيار القوم من فرسانهم. والفارسي المسرد: يعني الدروع الفارسية، قال عمرو بن امرئ القيس الخزرجي:
وقلت لعارض، وأصحاب عارض ورهط بني السوداء، والقوم شهدي
علانية ظنوا....... ....................
إذا مشينا في الفارسي كما يمشى جمال مَصاعبٌ قُطُفُ
السرد: إدخال حلق الدرع بعضها في بعض. والمسرد: المحبوك النسج المتداخل الحلق. ينذر أخاه وقومه أنهم سوف يلقون عدوا من ذوى البأس قد استكمل أداة قتاله.
(٢) نقائض جرير والفرزدق: ٥٣، ٧٨٥، والأضداد لابن الأنباري. ١٢ وهو عميرة بن طارق بن ديسق اليربوعي، قالها في خبر له مع الحوفزان، ورواية النقائض: "وأجلس فيكم... "، و"أجعل علمي ظن غيب مرجما". وقبل البيت:
فلا تأمرني يا ابن أسماء بالتي تجر الفتى ذا الطعم أن يتكلما
ذو الطعم" ذو الحرم. وتجر، من الإجرار: وهو أن يشق لسان الفصيل، إذا أرادوا فطامه، لئلا يرضع. يعني يحول بينه وبين الكلام.
وغزا الأمر واغتزاه: قصده، ومنه الغزو: وهو السير إلى قتال العدو وانتهابه، والمرجم: الذي لا يوقف على حقيقة أمره، لأنه يقذف به على غير يقين، من الرجم: وهو القذف.
هذا، والبيت، كما رواه في النقائض، ليس بشاهد على أن الظن هو اليقين. ورواية الطبري هي التي تصلح شاهدا على هذا المعنى.


الصفحة التالية
Icon