المقرين بحكم التوراة، وغير ذلك [من أحكامه وقضائه]. (١)
فإذ كان كذلك. (٢) فالذي هو أولى عندي بتأويل الآية قول من قال: معنى ذلك: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من بعث محمد ﷺ إلى خلقه؟ لأن الله جل ثناؤه إنما قص في أول هذه الآية الخبر عن قولهم لرسول الله ﷺ ولأصحابه: آمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم; فالذي هو أولى بآخرها أن يكون نظير الخبر عما ابتدئ به أولها.
وإذا كان ذلك كذلك، فالواجب أن يكون تلاومهم، كان فيما بينهم، فيما كانوا أظهروه لرسول الله ﷺ ولأصحابه من قولهم لهم: آمنا بمحمد ﷺ وبما جاء به. وكان قيلهم ذلك، من أجل أنهم يجدون ذلك في كتبهم، وكانوا يخبرون أصحاب رسول الله ﷺ بذلك. فكان تلاومهم -فيما بينهم إذا خلوا- على ما كانوا يخبرونهم بما هو حجة للمسلمين عليهم عند ربهم. وذلك أنهم كانوا يخبرونهم عن وجود نعت محمد ﷺ في كتبهم، ويكفرون به، وكان فتح الله الذي فتحه للمسلمين على اليهود، وحكمه عليهم لهم في كتابهم، أن يؤمنوا بمحمد ﷺ إذا بعث. فلما بعث كفروا به، مع علمهم بنبوته.
* * *
قال أبو جعفر: وقوله: (أفلا تعقلون)، خبر من الله تعالى ذكره - عن اليهود اللائمين إخوانهم على ما أخبروا أصحاب رسول الله ﷺ بما فتح الله لهم عليهم - أنهم قالوا لهم: أفلا تفقهون أيها القوم وتعقلون، أن إخباركم أصحاب النبي ﷺ بما في كتبكم أنه نبي مبعوث، حجة لهم عليكم عند ربكم، يحتجون بها عليكم؟ أي: فلا تفعلوا ذلك، ولا تقولوا لهم مثل ما قلتم، ولا تخبروهم

(١) ما بين القوسين، زيادة استظهرتها من سابق بيانه، ليستقيم الكلام.
(٢) في المطبوعة: "فإن كان كذلك"، والزيادة ماضية على نهج أبي جعفر.


الصفحة التالية
Icon