وإنما قيل للفدية من الشيء والبدل منه"عدل"، لمعادلته إياه وهو من غير جنسه; ومصيره له مثلا من وجه الجزاء، لا من وجه المشابهة في الصورة والخلقة، كما قال جل ثناؤه: (وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا) [الأنعام: ٧٠] بمعنى: وإن تفد كل فدية لا يؤخذ منها. (١) يقال منه:"هذا عدله وعديله". وأما"العدل" بكسر العين، فهو مثل الحمل المحمول على الظهر، يقال من ذلك:"عندي غلام عدل غلامك، وشاة عدل شاتك" -بكسر العين-، إذا كان غلام يعدل غلاما، وشاة تعدل شاة. (٢) وكذلك ذلك في كل مثل للشيء من جنسه. فإذا أريد أن عنده قيمته من غير جنسه نصبت العين فقيل:"عندي عدل شاتك من الدراهم". وقد ذكر عن بعض العرب أنه يكسر العين من"العدل" الذي هو بمعنى الفدية لمعادلة ما عادله من جهة الجزاء، وذلك لتقارب معنى العدل والعدل عندهم، فأما واحد"الأعدال" فلم يسمع فيه إلا"عدل" بكسر العين. (٣)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى ﴿وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨) ﴾
وتأويل قوله: (ولا هم ينصرون) يعني أنهم يومئذ لا ينصرهم ناصر، كما لا يشفع لهم شافع، ولا يقبل منهم عدل ولا فدية. بطلت هنالك المحاباة

(١) الجملة في تفسير الآية، ساقطة من المخطوطة.
(٢) وهذه الجملة في المخطوطة جاءت هكذا: "يقال من ذلك: عندي غلام عدل غلاما وشاة عدل شاة"، واكتفى بهذا القدر منها، مع الخطأ البين فيها.
(٣) وهذا أيضًا بيان جيد، قلما تصيبه في كتاب من كتب اللغة.


الصفحة التالية
Icon