وقد قال قوم من أهل التأويل: إن"أن" التي في قوله:"أن يعمر" بمعنى: وإن عمر، وذلك قول لمعاني كلام العرب المعروف مخالف.
* ذكر من قال ذلك:
١٥٩٧ - حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: (وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر)، يقول: وإن عمر.
١٥٩٨ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله.
١٥٩٩ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"أن يعمر"- ولو عمر.
* * *
وأما تأويل قوله: (بمزحزحه)، فإنه بمبعده ومُنَحِّيه، كما قال الحطيئة:
وقالوا: تزحزح ما بنا فضل حاجة... إليك، وما منا لوَهْيِك راقع (١)
يعني بقوله::"تزحزح"، تباعد، يقال منه:"زحزحه يزحزحه زحزحة وزحزاحا،"وهو عنك متزحزح"، أي متباعد.
* * *
فتأويل الآية - وما طول العمر بمبعده من عذاب الله، ولا مُنَحِّيه منه، لأنه لا بد للعمر من الفناء، ومصيره إلى الله، كما:-

(١) البيت ليس للحطيئة، وإنما هو لقيس بن الحدادية، من قصيدة له نفيسة طويلة رواها أبو الفرج في أغانيه ١٣: ٦. يقول قبل البيت، يذكر مجيئه إلى صاحبته أم مالك. وما راعنى إلا المنادى: ألا اظعنوا... وإلا الرواغى غدوة والقعاقع
فجئت كأني مستضيف وسائل... لأخبرها كل الذي أنا صانع
فقالت: تزحزح! ما بنا كبر حاجة... إليك، ولا منا لفقرك راقع
فما زلت تحت الستر حتى كأنني... من الحر ذو طمرين في البحر كارع


الصفحة التالية
Icon