(١) قالوا: اللهم نعم. قال: اللهم اشهد! قالوا أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة؟ قال: هل تعلمون أنه كان أحب الطعام والشراب إليه ألبان الإبل ولحومها، وأنه اشتكى شكوى فعافاه الله منها، فحرم أحب الطعام والشراب إليه شكرا لله، فحرم على نفسه لحوم الإبل وألبانها؟ قالوا: اللهم نعم. قالوا: فأخبرنا عن الروح. قال: أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلمون أنه جبريل، (٢) وهو الذي يأتيني؟ قالوا: نعم، ولكنه لنا عدو، وهو ملك إنما يأتي بالشدة وسفك الدماء، فلولا ذلك اتبعناك. فأنزل الله فيهم: (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك) إلى قوله (كأنهم لا يعلمون). (٣)
١٦٠٧ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، حدثني القاسم بن أبي بزة: أن يهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم: من صاحبه الذي ينزل عليه بالوحي؟ فقال: جبريل. قالوا: فإنه لنا عدو ولا يأتي إلا بالحرب والشدة والقتال! فنزل: (من كان عدوا لجبريل) الآية. قال ابن جريج: وقال مجاهد: قالت يهود: يا محمد، ما ينزل جبريل إلا بشدة وحرب! وقالوا: إنه لنا عدو! (٤) فنزل: (من كان عدوا لجبريل) الآية. (٥)
* * *
وقال آخرون: بل كان سبب قيلهم ذلك، من أجل مناظرة جرت بين
(٢) في سيرة ابن هشام: "هل تعلمونه"، وهو أشبه بالصواب.
(٣) الأثر: ١٦٠٦ - هو حديث مرسل، مضى جزء منه، بهذا الإسناد: ١٤٨٩. وأشار إليه ابن كثير ٢٣٩: ١ - ٢٤٠، عقب حديث ابن عباس الذي قبله، وصرح أيضًا بأنه رواه محمد بن إسحاق مرسلا. وفي سيرة ابن هشام ٢: ١٩١ - ١٩٢، وفيه اختلاف في بعض اللفظ. وقد ساق ابن كثير هذين الأثرين (١٦٠٥، ١٦٠٦) وخرجهما، وواستوفى الكلام في هذه القصة في تفسيره ١: ٢٣٨ - ٢٤٥.
(٤) في تفسير ابن كثير ١: ٢٤٠: "إلا بشدة وحرب وقتال فإنه لنا عدو".
(٥) الأثر: ١٦٠٧ - وهذا منقطع، وقد ذكره ابن كثير ١: ٢٤٠، عن هذا الموضع و"القاسم بن أبي بزة": سبق في: ٦٣١، وهو يروى عن التابعين.