في فيلق يدعو الأراقم، لم تكن فرسانه عُزلا ولا أكفالا (١)
ولم يلحق جرير هذيلا ولا أدركه، ولا أدرك إراب ولا شهده. (٢) ولكنه لما كان يوما من أيام قوم الأخطل على قوم جرير، أضاف الخطاب إليه وإلى قومه. فكذلك خطاب الله عز وجل من خاطبه بقوله: (وإذ نجيناكم من آل فرعون) لما كان فعله ما فعل من ذلك بقوم من خاطبه بالآية وآبائهم، أضاف فعله ذلك الذي فعله بآبائهم إلى المخاطبين بالآية وقومهم. (٣).
* * *
القول في تأويل قوله تعالى ﴿يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾
وفي قوله: (يسومونكم) وجهان من التأويل، أحدهما: أن يكون خبرا مستأنفا عن فعل فرعون ببني إسرائيل، فيكون معناه حينئذ: واذكروا نعمتي عليكم إذ نجيتكم من آل فرعون (٤) وكانوا من قبل يسومونكم سوء العذاب. وإذا كان ذلك تأويله كان موضع"يسومونكم" رفعا.
والوجه الثاني: أن يكون"يسومونكم" حالا فيكون تأويله حينئذ: وإذ نجيناكم
(١) الفيلق: الكتيبة العظيمة. وقوله: "يدعو" الضمير للهذيل. والأراقم: هم جشم ومالك والحارث وثعلبة ومعاوية وعمرو - أبناء بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب، رهط الهذيل. وأنما سموا الأراقم لأن كاهنتهم نظرت إليهم وهم صبيان، وكانوا تحت دثار لهم، فكشفت الدثار، فلما رأتهم قالت: "كأنهم نظروا إلى بعيون الأراقم"، والأراقم جمع أرقم: وهو أخبث الحيات، وأشدها ترقدا وطلبا للناس. والعزل جمع أعزل: وهو الذي لا سلاح معه، والأكفال جمع كفل (بكسر فسكون) : وهو الذي لا يثبت على متن فرسه، ولا يحسن الركوب.
(٢) في المطبوعة: "ولم يلق جرير... ".
(٣) انظر ما سلف قريبا، ٢٣ - ٢٤
(٤) في المطبوعة: "إذ نجيناكم... " علي سياق الآية، وهذه أجود.


الصفحة التالية
Icon