وقال السدي: جعلهم في الأعمال القذرة، وجعل يقتل أبناءهم، ويستحيي نساءهم:
٨٩٠ - حدثني بذلك موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي. (١)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾
قال أبو جعفر: وأضاف الله جل ثناؤه ما كان من فعل آل فرعون ببني إسرائيل = من سومهم إياهم سوء العذاب، وذبحهم أبناءهم، واستحيائهم نساءهم = إليهم، دون فرعون -وإن كان فعلهم ما فعلوا من ذلك كان بقوة فرعون، وعن أمره- لمباشرتهم ذلك بأنفسهم. فبين بذلك أن كل مباشر قتل نفس أو تعذيب حي بنفسه، وإن كان عن أمر غيره، ففاعله المتولي ذلك هو المستحق إضافة ذلك إليه، وإن كان الآمر قاهرا الفاعل المأمور بذلك -سلطانا كان الآمر، أو لصا خاربا، أو متغلبا فاجرا. (٢) كما أضاف جل ثناؤه ذبح أبناء بني إسرائيل واستحياء نسائهم إلى آل فرعون دون فرعون، وإن كانوا بقوة فرعون وأمره إياهم بذلك، فعلوا ما فعلوا، مع غلبته إياهم وقهره لهم. فكذلك كل قاتل نفسا بأمر غيره ظلما، فهو المقتول عندنا به قصاصا، وإن كان قتله إياها بإكراه غيره له على قتله. (٣)
* * *

(١) الأثر: ٨٩٠ - من خبر طويل في تاريخ الطبري ١: ٢٠٠، وانظر ما سيأتي رقم: ٨٩٥.
(٢) الخارب: اللص الشديد الفساد، من قولهم: فلان صاحب خربة (بضم فسكون) أي فساد وريبة، ومنه الخارب: من شدائد الدهر. وأما أصحاب اللغة فيقولون: الخارب: سارق الإبل خاصة، ثم نقل إلى غيره من اللصوص اتساعا.
(٣) في المطبوعة: "وإن كان قتله إياه"، وهو تصرف لا خير فيه.


الصفحة التالية
Icon