للآخر: ارجع إليها. فقالت: لا إلا أن تشربا الخمر. فشربا حتى ثملا ودخل عليهما سائل فقتلاه، فلما وقعا فيما وقع من الشر، أفرج الله السماء لملائكته، فقالوا: سبحانك! كنت أعلم! قال: فأوحى الله إلى سليمان بن داود أن يخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا، فكبلا من أكعبهما إلى أعناقهما بمثل أعناق البخت، وجعلا ببابل. (١)
١٦٨٢ - حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا حجاج، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن مسعود وابن عباس أنهما قالا لما كثر بنو آدم وعصوا، دعت الملائكة عليهم والأرض والسماء والجبال: ربنا ألا تهلكهم! (٢) فأوحى الله إلى الملائكة: إني لو أنزلت الشهوة والشيطان من قلوبكم ونزلتم لفعلتم أيضا! (٣) قال: فحدثوا أنفسهم أن لو ابتلوا اعتصموا، فأوحى الله إليهم: أن اختاروا ملكين من أفضلكم. فاختاروا هاروت وماروت، فأهبطا إلى الأرض، وأنزلت الزُّهَرة إليهما في صورة امرأة من أهل فارس، وكان أهل فارس يسمونها"بيذخت". قال: فوقعا بالخطيئة، فكانت الملائكة يستغفرون للذين آمنوا. (٤) (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا). فلما وقعا بالخطيئة، استغفروا لمن في الأرض، ألا إن الله هو الغفور الرحيم. فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدنيا. (٥)
(٢) في تفسير ابن كثير ١: ٢٥٦، والدر المنثور ١: ٩٩: "ربنا، لا تمهلهم"، وكأنها هي الصواب، وإن كانت الأولى صحيحة المعنى.
(٣) هذه العبارة صحيحة المعنى، ولكنها جاءت في تفسير ابن كثير: "إني أزلت الشهوة والشيطان من قلوبكم، وأنزلت الشهوة والشيطان في قلوبهم، ولو نزلتم لفعلتم أيضًا". وجاءت في الدر المنثور: "إني أزلت الشهوة والشيطان من قلوبكم، ولو نزلتم لفعلتم أيضًا". مختصرا.
(٤) في المطبوعة: "وكانت الملائكة" بالواو، والصواب من ابن كثير والدر المنثور.
(٥) الخبر: ١٦٨٢ - الحجاج بن المنهال الأنماطي: ثقة فاضل، أخرج له الجماعة. شيخه"حماد": الراجح عندنا أنه"حماد بن سلمة"، وإن كان في التهذيب أنه يروى عن"الحمادين"، يعني حماد بن زيد وحماد بن سلمة. ولكن اقتصر البخاري في ترجمته في الكبير ١ /٢ / ٣٧٦ على ذكر"حماد بن سلمة"، وكذلك صنع ابن أبي حاتم ١ /٢ /١٦٧. فصنيعهما يدل على أنه عرف بالرواية عنه أكثر - ووقع في المطبوعة هنا"حجاج" بدل"حماد". والتصحيح من ابن كثير ١: ٢٥٦، إذ نقل هذا الخبر عن الطبري.