وقام الذين لم يعكفوا على العجل، وأخذوا الخناجر بأيديهم، وأصابتهم ظلمة شديدة، فجعل يقتل بعضهم بعضا، فانجلت الظلمة عنهم وقد أجلوا عن سبعين ألف قتيل، (١) كل من قتل منهم كانت له توبة، وكل من بقي كانت له توبة.
٩٣٧ - وحدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: لما رجع موسى إلى قومه قال: (يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا) إلى قوله: (فكذلك ألقى السامري) [طه: ٨٦-٨٧]. فألقى موسى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه (قَالَ يَاابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) [طه: ٩٤]. فترك هارون ومال إلى السامري، ف (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ) إلى قوله: (ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا) [طه: ٩٥-٩٧] ثم أخذه فذبحه، ثم حرقه بالمبرد، (٢) ثم ذراه في اليم، فلم يبق بحر يجري يومئذ إلا وقع فيه شيء منه. ثم قال لهم موسى: اشربوا منه. فشربوا، فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب. فذلك حين يقول: (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) [البقرة: ٩٣]. فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى، ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا:"لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين". فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل، إلا بالحال التي كرهوا أن يقاتلهم حين عبدوا العجل، (٣) فقال لهم موسى: (يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم). قال: فصفوا صفين، ثم اجتلدوا بالسيوف. فاجتلد الذين عبدوه

(١) أجلى عن كذا: انكشف عنه.
(٢) حرق الحديد بالمبرد حرقا، وحرقه (بتشديد الراء) : برده وحك بعضه ببعض. وكذلك جاء عن ابن إسحاق في تاريخ الطبري ١: ٢٢٠ قال: "سمعت بعض أهل العلم يقول: إنما كان إحراقه سحلة". والسحل: السحق والحك بالمبرد.
(٣) في المطبوعة: "أن يقاتلوهم"، وأثبت ما في المخطوطة، وتاريخ الطبري.


الصفحة التالية
Icon