ومعهم موسى، فاضطربوا بالسيوف، (١) وتطاعنوا بالخناجر، وموسى رافع يديه. حتى إذا فتر، أتاه بعضهم فقالوا: يا نبي الله ادع الله لنا. وأخذوا بعضديه يسندون يديه. (٢) فلم يزل أمرهم على ذلك، حتى إذا قبل الله توبتهم قبض أيدي بعضهم عن بعض، فألقوا السلاح. وحزن موسى وبنو إسرائيل للذي كان من القتل فيهم، فأوحى الله جل ثناؤه إلى موسى: ما يحزنك؟، (٣) أما من قتل منكم، فحي عندي يرزق؛ وأما من بقي، فقد قبلت توبته! فبشر بذلك موسى بني إسرائيل (٤).
٩٤٢ - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري وقتادة في قوله: (فاقتلوا أنفسكم)، قال: قاموا صفين يقتل بعضهم بعضا، (٥) حتى قيل لهم كُفوا. قال قتادة: كانت شهادة للمقتول وتوبة للحي.
٩٤٣ - حدثنا القاسم بن الحسن قال، حدثنا الحسين بن داود قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال لي عطاء: سمعت عبيد بن عمير يقول: قام بعضهم إلى بعض، يقتل بعضهم بعضا، ما يترابأ الرجل أخاه ولا أباه ولا ابنه ولا أحدا حتى نزلت التوبة. (٦)

(١) في المطبوعة: "فتضاربوا" وأثبت ما في المخطوطة وابن كثير ١: ١٧٠. وتضارب الرجلان بسيفيهما واضطربا: تجالدا بالسيف، بمعنى واحد.
(٢) في المطبوعة: "يشدون"، والصواب من المخطوطة وابن كثير. يريد: يسندون يديه وموسى رافع يديه يدعو الله.
(٣) في المطبوعة: "لا يحزنك"، والصواب من المخطوطة وابن كثير.
(٤) في المطبوعة وابن كثير: "فسر بذلك موسى وبنو إسرائيل".
(٥) في المطبوعة: " فقتل بعضهم بعضا: ، ليست بشيء.
(٦) في المطبوعة"ما يتوقى الرجل"، وفي المخطوطة"ما يترانا". ورابأت فلانا: اتقيته واتقاني ومن مادته: "أربأ بك عن كذا". أي أرفعك عنه ولا أرضاه لك. ويقال: "ما عبأت به ولا ربأت": أي ما باليت به ولا حفلت. فقوله: "ما يترابأ" أي ما يبالي الرجل أن يقتل أخاه.


الصفحة التالية
Icon