حدثنا أسباط، عن السدي: (فأخذتكم الصاعقة)، والصاعقة: نار.
* * *
وقال آخرون بما: -
٩٥٤ - حدثنا به ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: أخذتهم الرجفة، وهي الصاعقة، فماتوا جميعا.
* * *
وأصل"الصاعقة" كل أمر هائل رآه [المرء] أو عاينه أو أصابه - (١) حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب، وإلى ذهاب عقل وغمور فهم، (٢) أو فقد بعض آلات الجسم - صوتا كان ذلك أو نارا، أو زلزلة، أو رجفا. ومما يدل على أنه قد يكون مصعوقا وهو حي غير ميت، قول الله عز وجل: (وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا) [الأعراف: ١٤٣]، يعني مغشيا عليه، ومنه قول جرير بن عطية:

وهل كان الفرزدق غير قرد أصابته الصواعق فاستدارا (٣)
فقد علم أن موسى لم يكن -حين غشي عليه وصعق ميتا، لأن الله
(١) الزيادة بين القوسين من عندي. ليستقيم بها الكلام.
(٢) قوله"غمور فهم" لم أجد هذا المصدر في كتب اللغة. وكأنه مصدر غمر عليه (بالبناء للمجهول) : أغمى عليه. وفي الحديث أنه أول ما اشتكي بأبي وأمي ﷺ - في بيت ميمونة، اشتد مرضه حتى غمر عليه - أي: أغمى عليه، حتى كأنه غطى على عقله وستر، من قولهم: غمرت الشيء: إذا سترته، وغشي عليه وأغمي عليه من معنى الستر أيضًا (اللسان، الفائق).
(٣) ديوانه: ٢٨١، والنقائض: ٢٥١ وبعده في هجاء الفرزدق، وهو من أشده:
وكنت إذا حللت بدار قوم رحلت بِخَزْيَةٍ وتركت عارا
وما أشد ما قال! وقال في النقائض في شرح البيت: "ولغته - يعني جريرا - الصواقع. فاستدار: أي استدار إنسانا بعد أن كان قردا". وكأنه أخطأ المعنى، فإنه أراد أنه مسخ قردا على هيئته التي كان عليها قبل أن يكون إنسانا. فقوله: "استدار": عاد إلى الموضع الذي ابتدأ منه، ومن ذلك قوله ﷺ في حجة الوداع: " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض" أي عاد كما بدأ. فهو يقول: كان الفرزدق في أصل نشأته قردا، ثم تحول إنسانا، فلما أصابته صواعق شعري عاد كما كان في أصل نشأته قردا صريحا.


الصفحة التالية
Icon