فَنَساها عليهم غاديات،... ومرى مزنهم خلايا وخورا (١) عسلا ناطِفا وماء فراتا... وحليبا ذا بهجة مثمورا (٢)
المثمور: الصافي من اللبن (٣). فجعل المن الذي كان ينزل عليهم عسلا ناطفا، والناطف: هو القاطر. (٤).
* * *

(١) في المطبوعة: "فعفاها" وفي المخطوطة: "فسناها"، وفي الديوان"فعفاها" ولا معنى لشيء منها، فاستظهرت أن أقرأها من المخطوط"فنساها"، أصلها"فنسأها" مهموزة، كما قالوا: برأ الله الخلق وبراهم بطرح الهمزة. ونسأ الدابة رالإبل ينسؤها نسأ: زجرها وساقها. يقول: ساق عليهم السحاب. غاديات جمع غادية: وهي السحابة التي تنشأ غدوة. ومرى الناقة مريا: مسح ضرعها لتدر. والمزن جمع مزنة: وهي السحابة ذات الماء. وخلايا جمع خلية: وهي الناقة التي خليت للحلب لكرمها وغزارة لبنها. الخور": إبل حمر إلى الغبرة، رقيقات الجلود، طوال الأوبار، لها شعر ينفذ وبرها، وهي أطول من سائر الوبر، فإذا كانت فهي غزار كثيرة اللبن. شبه السحاب الغزير الماء بهذين الضربين من النوق الغزيرة اللبن، يحلب مطرها عليهم حلبا، ثم فصل في البيت التالي أنواع ما نزل عليهم من السماء.
(٢) ناطف، من نطف ينطف: قطر. وهو مشروح بعد - أي يقطر من السماء. والفرات: أشد الماء عذوبة. ووصف اللبن بأنه ذو بهجة. وهي الحسن والنضارة، لأنه لم يؤخذ زبده، فيرق، وتذهب لمعة الزبد منه، فاستعار البهجة لذلك. أما قوله: "مثمورا"، فهي في المطبوعة "ممرورا"، وفي المخطوطة في الصلب كانت تقرأ "مثمورا" ثم لعب فيها قلم الناسخ في الثاء والميم، ثم كتب هو نفسه في الهامش: "مزمورا"، ثم شرح في طرف الصفحة فقال: "المزمور: الصافي من اللبن". وذلك شيء لا وجود له في كتب اللغة، وقد رأيت أنه كتب في البيت الأول"مثمورا"، ورجحت أن صوابها"معمورا"، ورجحت في هذا البيت أن يكون اختلط عليه حين كتب"مثمورا" فعاد فجعلها"مزمورا".
ولم أجد"مثمورا" في كتب اللغة، ولكن يقال: الثمير والثميرة: اللبن الذي ظهر زبده وتحبب قال ابن شميل: إذا مخض رؤي عليه أمثال الحصف في الجلد، ثم يجتمع فيصير زبدا، وما دامت صغارا فهو ثمير. ويقولون: إن لبنك لحسن الثمر، وقد أثمر مخاضك. فكأنه قال: "مثمورا" ويعني"ثميرا"، لأن فعيلا بمعنى مفعول هنا.
(٣) كانت في المطبوعة"الممرور"، وقد ذكرت في التعليقة، أنها بهامش المخطوطة"المزمور".
(٤) قوله: "فجعل المن... " إلى آخر الجملة ليس في المخطوطة.


الصفحة التالية
Icon