قالوا ذلك، فقل لهم: الحمد لله الذي خلق ذلك، لا لمن لا يخلق شيئا وهم يخلقون، ثم قال تعالى ذكره: (بَلْ أكْثرُهُمْ لا يعْلَمون) يقول: بل أكثر هؤلاء المشركون لا يعلمون من الذي له الحمد، وأين موضع الشكر، وقوله: (لِلهِ ما فِي السَّمَوَاتِ والأرْضِ) يقول تعالى ذكره: لله كلّ ما في السموات والأرض من شيء ملكا كائنا ما كان ذلك الشيء من وثن وصنم وغير ذلك، مما يعبد أو لا يعبد (إنَّ الله هُوَ الغَنيُّ الحَمِيدُ) يقول: إن الله هو الغنيّ عن عباده هؤلاء المشركين به الأوثان والأنداد، وغير ذلك منهم ومن جميع خلقه؛ لأنهم ملكه وله، وبهم الحاجة إليه، الحميد: يعني: المحمود على نعمه التي أنعمها على خلقه.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧) ﴾
يقول تعالى ذكره: ولو أن شجر الأرض كلها بريت أقلاما (والبَحْرُ يَمُدُّهُ) يقول: والبحر له مداد، والهاء في قوله: (يَمُدُّهُ) عائدة على البحر. وقوله: (منْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مِا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) وفي هذا الكلام محذوف استغنى بدلالة الظاهر عليه منه، وهو يكتب كلام الله بتلك الأقلام وبذلك المداد، لتكسرت تلك الأقلام، ولنفذ ذلك المداد، ولم تنفد كلمات الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال: سألت الحسن عن هذه الآية (وَلَوْ أنَّما في الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أقْلامٌ) قال: لو جعل شجر الأرض أقلاما، وجعل البحور مدادا، وقال الله: إن من أمري كذا، ومن أمري كذا، لنفد ماء البحور، وتكسَّرت الأقلام.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الحكم، قال: ثنا عمرو في قوله: (وَلَوْ أنَّما في الأرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أقْلامٌ) قال: لو بريت أقلاما والبحر مدادا، فكتب بتلك الأقلام منه (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) ولو مدّه سبعة أبحر.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (وَلَوْ أنَّما في


الصفحة التالية
Icon