(فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا) وهم قوم لُوط الذين أمطر الله عليهم حجارة من سجِّيلٍ مَنضُود، والعرب تسمي الريح العاصف التي فيها الحصى الصغار أو الثلج أو البرد والجليد حاصبا، ومنه قول الأخطل:
وَلقدْ عَلِمْتُ إذا العِشارُ تَرَوَّحَتْ... هَدَجَ الرّئالِ يَكُبُّهُنَّ شَمالا
تَرْمي العِضَاهَ بحاصِبٍ مِن ثَلْجِها... حتى يَبِيتَ على العِضَاهِ جُفالا (١)
وقال الفرزدق:
مُسْتَقْبِلِينَ شَمالَ الشَّأْمِ تَضْرِبُنا... بحاصِبٍ كَنَدِيفِ القُطْنِ مَنْثُورِ (٢)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس: (فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا) قوم لوط.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا) وهم قوم لوط (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ).
اختلف أهل التأويل في الذين عُنوا بذلك، فقال بعضهم: هم ثمود قوم صالح.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: قال ابن عباس: (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) ثمود.
وقال آخرون: بل هم قوم شعيب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) قوم شعيب.

(١) البيتان للأخطل، وقد سبق الاستشهاد بهما في غير هذا الموضع من التفسير انظره في (١٥: ١٢٤).
(٢) البيت للفرزدق، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن (مصورة الجامعة الورقة رقم ١٨٥) قال: (أرسلنا عليه حاصبًا) : أي ريحا عاصفًا فيها حصى، ويكون في كلام العرب الحاصب من الجليد ونحوه أيضًا. وقال الفرزدق: "مستقبلين شمال الشام... " البيت. اهـ.


الصفحة التالية
Icon