(كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) قال: الكفار من قبلهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) أي: في الدنيا، كانوا إذا عاينوا العذاب لم يقبل منهم إيمان.
وقوله (إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) يقول تعالى ذكره: وحيل بين هؤلاء المشركين حين عاينوا بأس الله وبين الإيمان؛ إنهم كانوا قبل في الدنيا في شك، من نزول العذاب الذي نزل بهم وعاينوه، وقد أخبرهم نبيهم أنهم إن لم ينيبوا مما هم عليه مقيمون من الكفر بالله، وعبادة الأوثان، أن الله مهلكهم، ومحلٌّ بهم عقوبته في عاجل الدنيا، وآجل الآخرة قبل نزوله بهم، مريب يقول: موجب لصاحبه الذي هو به ما يريبه من مكروه، من قولهم: قد أراب الرجل إذا أتى ريبة وركب فاحشة، كما قال الراجز:

يا قَومُ مَا لِي وأبَا ذُؤَيبِ؟ كنتُ إذَا أتَوْتُهُ من غَيبِ
يَشُمُّ عِطْفِي وَيُبُّز ثَوْبِي كأنَّما أرَبْتُهُ بِرَيْبِ (١)
يقول: كأنما أتيت إليه ريبة.
آخر سورة سبأ
(١) هذه الأبيات الرجز من المشطور، أنشدها صاحب (اللسان: أتي). قال ويقال: أتوته أتوا: لغة في أتيته. قال خالد بن زهير. "يا قوم ما لي...." الأبيات. وأنشدها أيضًا في (اللسان: ريب) ونسبها إلى خالد بن زهير الهذلي. وفيها "أتيته" في موضع "أتوته" وهي لغة. وجعلها شاهدا على أنه يقال: رابني أمره يريبني ريبًا وريبة بمعنى شككني وأما أراب فإنه يأتي متعديا بمعنى راب، ولازما بمعنى أتى بريبة. كما تقول: ألام: إذا أتى بما يلام عليه.


الصفحة التالية
Icon