عليكم، فأنزل الله (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ... ) الآيات، فخرج أبو بكر الصدّيق إلى الكفَّار، فقال: أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا؟ فلا تفرحوا، ولا يقرّنّ الله أعينكم، فوالله ليظهرنّ الروم على فارس، أخبرنا بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم، فقام إليه أُبيّ بن خلف، فقال: كذبت يا أبا فضيل، فقال له أبو بكر رضي الله عنه: أنت أكذب يا عدوّ الله، فقال: أناحبك عشر قلائص مني، وعشر قلائص منك، فإن ظهرت الروم على فارس غرمتُ، وإن ظهرت فارس على الروم غرمتَ إلى ثلاث سنين، ثم جاء أبو بكر إلى النبيّ ﷺ فأخبره، فقال: "مَا هَكذَا ذَكَرْتُ، إنَّما البِضْعُ ما بينَ الثَّلاثِ إلى التِّسْعِ، فَزَايِدْهُ فِي الخَطَرِ، ومادّه فِي الأجَلِ". فخرج أبو بكر فلقي أُبَيًّا، فقال: لعلك ندمت، فقال: لا فقال: أزايدك في الخطر، وأمادّك في الأجل، فاجعلها مئة قلوص لمئة قلوص إلى تسع سنين، قال: قد فعلت.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال ثني حجاج، عن أبي بكر، عن عكرِمة قال: كانت في فارس امرأة لا تلد إلا الملوك الأبطال، فدعاها كسرى، فقال: إني أريد أن أبعث إلى الروم جيشا وأستعمل عليهم رجلا من بنيك، فأشيري عليّ أيهم أستعمل، فقالت: هذا فلان، وهو أروغ من ثعلب، وأحذر من صرد، وهذا فرخان، وهو أنفذ من سنان، وهذا شهربراز، وهو أحلم من كذا، فاستعمل أيهم شئت، قال: إني قد استعملت الحليم، فاستعمل شهربراز، فسار إلى الروم بأهل فارس، وظهر عليهم، فقتلهم، وخرّب مدائنهم، وقطع زيتونهم. قال أبو بكر: فحدّثت بهذا الحديث عطاء الخراساني فقال: أما رأيت بلاد الشام؟ قلت: لا قال: أما إنك لو رأيتها لرأيت المدائن التي خرّبت، والزيتون الذي قُطع، فأتيت الشام بعد ذلك فرأيته.
قال عطاء الخراساني: ثني يحيى بن يعمر، أن قيصر بعث رجلا يُدعى قطمة بجيش من الروم، وبعث كسرى شهربراز، فالتقيا بأذرعات وبصرى، وهي أدنى الشام إليكم، فلقيت فارس الروم، فغلبتهم فارس، ففرح بذلك كفار قريش، وكرهه المسلمون، فأنزل الله (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأرْضِ... ) الآيات، ثم ذكر مثل حديث عكرِمة، وزاد: فلم يزل شهربراز يطؤهم، ويخرب مدائنهم حتى بلغ الخليج، ثم مات