فأعلمهم بذلك تعالى، أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات من المنظر الأنيق، واللذيذ من الأراييح، والعيش الهنيّ فيما يحبون، ويسرُون به، ويغبطون عليه. و (الحبرة) عند العرب: السرور والغبطة، قال العجاج:

فالْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي أعْطَى الحَبَرْ مَوَالِيَ الحَقَّ إِنَّ المَوْلى شَكَرْ (١)
واختلف أهل التأويل في معنى ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فهم في روضة يكرمون.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) قال: يكرمون.
وقال آخرون: معناه: ينعمون.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (يُجْبَرُونَ) قال: ينعمون.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة في قوله: (فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) قال: ينعمون.
وقال آخرون: يلذذون بالسماع والغناء.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن موسى الحرسي، قال: ثني عامر بن يساف، قال: سألت يحيى بن أبي كثير، عن قول الله: (فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) قال: الحبرة: اللذة والسماع.
(١) البيتان للعجاج (ديوانه طبع ليبسج سنة ١٩٠٣ ص ١٥) من أرجوزة يمدح بها عمر بن عبيد الله بن معمر) و (مجاز القرآن لأبي عبيدة الورقة ١٨٧ - ب) وقد أورده عطفًا على قول الأعشى الذي قبله. وفي (اللسان: حبر) : الحبر (بفتح فسكون والحبر) بفتحتين والحبرة (بفتح فسكون) والحبور: كله السرور. قال العجاج: " فالحمد لله... " البيت من قولهم: حبرني هذا الأمر حبرًا، أي سرني، وقد حرك الباء فيهما، وأصله التسكين. وأحبرني الأمر: سرني ويروى الشبر اهـ.


الصفحة التالية
Icon