وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده، وهو أهون على الخلق؛ أي إعادة الشيء أهون على الخلق من ابتدائه. والذي ذكرنا عن ابن عباس في الخبر الذي حدثني به ابن سعد قول أيضا له وجه.
وقد وجَّه غير واحد من أهل العربية قول ذي الرمة:
أخي قَفَرَاتٍ دَبَّيَتْ فِي عظامه | شُفافات أعْجاز الكَرَى فهوَ أخْضَعَ (١) |
لَعَمْرُكَ إنَّ الزِّبْرَقانَ لَباذِلٌ | لَمعْروفِه عِنْدَ السِّنِينَ وأفْضَلُ |
كَرِيمٌ لَه عَنْ كُلّ ذَمّ تَأَخُّرٌ | وفِي كُلّ أسْبابِ المَكارِمِ أوَّلُ (٢) |
لَعَمْرُكَ ما أْدِري وإنّي لأوْجَلُ | على أيِّنا تَعْدُو المَنِيَّةُ أوَّلُ (٣) |
تَمَنَّى مُرَيْءُ القَيْسِ مَوْتي وإنْ أمُتْ | فَتِلكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيها بأوْحَدِ (٤) |
(١) البيت في ديوان ذي الرمة (طبع جامعة كيمبردج سنة ١٩١٩ ص ٣٤٨). قال في شرحه: شفافات: بقايا أعجاز الكرى، أواخر النوم، فاستعار له المنهل. فكأنه قد سكر، فهو أخضع.
(٢) البيتان لم أقف على قائلهما. والزبرقان بن بدر من سادات بني تميم. والسنون جمع سنة، والمراد بها الجدب والقحط. والشاهد في قول الشاعر "وأفضل" فإنه بمعنى "فاضل" ولا تفضيل فيه، كما قال المؤلف: على أنه يمكن تخريج البيت على معنى التفضيل، كما يأتي في الشواهد الأخرى، أي وهو أفضل من غيره على كل حال.
(٣) البيت لمعن بن أوس المزني (ذيل الأمالي لأبي علي القالي ص ٢١٨). واستشهد به المؤلف على أن قوله: "لأوجل": أي لوجل، وانظر شرح البيت وإعرابه في خزانة الأدب الكبرى للبغدادي (٣: ٥٠٥ - ٥٠٦).
(٤) البيت لمالك بن القين الخزرجي الأنصاري، حققه الأستاذ عبد العزيز الميمني في شرح ذيل الأمالي ص ١٠٤ (وهو من ثلاثة أبيات كتب بها يزيد بن عبد الملك إلى أخيه هشام وقد بلغه أنه يتمنى موته. وقيل: كتب بها الوليد إلى أخيه سليمان) كما في مروج الذهب للمسعودي (ورواية صدر البيت الأول مخالفة لما في ذيل الأمالي ص ٢١٨) والأبيات الثلاثة هي:
وقد بين البغدادي في خزانة الأدب الكبرى (٥٠٠ - ٥٠٢) أن هذا الشاهد وما ماثله يمكن أن يحمل على التفضيل لا على مجرد الوصف، فراجعه ثمة.
(٢) البيتان لم أقف على قائلهما. والزبرقان بن بدر من سادات بني تميم. والسنون جمع سنة، والمراد بها الجدب والقحط. والشاهد في قول الشاعر "وأفضل" فإنه بمعنى "فاضل" ولا تفضيل فيه، كما قال المؤلف: على أنه يمكن تخريج البيت على معنى التفضيل، كما يأتي في الشواهد الأخرى، أي وهو أفضل من غيره على كل حال.
(٣) البيت لمعن بن أوس المزني (ذيل الأمالي لأبي علي القالي ص ٢١٨). واستشهد به المؤلف على أن قوله: "لأوجل": أي لوجل، وانظر شرح البيت وإعرابه في خزانة الأدب الكبرى للبغدادي (٣: ٥٠٥ - ٥٠٦).
(٤) البيت لمالك بن القين الخزرجي الأنصاري، حققه الأستاذ عبد العزيز الميمني في شرح ذيل الأمالي ص ١٠٤ (وهو من ثلاثة أبيات كتب بها يزيد بن عبد الملك إلى أخيه هشام وقد بلغه أنه يتمنى موته. وقيل: كتب بها الوليد إلى أخيه سليمان) كما في مروج الذهب للمسعودي (ورواية صدر البيت الأول مخالفة لما في ذيل الأمالي ص ٢١٨) والأبيات الثلاثة هي:
تَمَنَّى رِجَالٌ أَنْ أَمُوتَ وَإِنْ أَمُتْ | فَتِلْكَ سَبِيلٌ لَسْتُ فِيهَا بِأَوْحَدِ |
فَمَا عَيْشُ مَنْ يَرْجُو رَدَايَ بِضَائرِي | وَمَا عَيْشُ مَنْ يَرْجُو رَدَايَ بِمُخْلَدِ |
فَقُلْ للَّذِي يَبْغي خِلافَ الَّذِي مَضَى | تَجَهَّزْ لأُخْرَى مِثْلِهَا فَكَأَنْ قَدِ |
وَمَنْ لا يُغْمِض عَيْنَهُ عَنْ صَدِيقِهِ | وَعَنْ بَعْضِ مَا فِيهِ يَمُتْ وَهُوَ عَاتِبُ |
وَمَنْ يَتَتَبَّعْ جَاهِدًا كُلَّ عَثْرَةٍ | يَجِدْهَا وَلا يَسْلَمْ لَهُ الدَّهْرَ صَاحِبُ |
لَعَمْرُكَ ما أدْرِي وَإِنّي لأَوْجَلُ | عَلى أينا تَعْدُو المَنِيَّةُ أوَّلُ |