طَلَبُوا صُلْحَنا وَلاتَ أوَان... فَأَجَبْنَا أنْ لَيْسَ حِينَ بقاءِ (١)
فجرّ"أوان" وأضمر الحين إلى أوان، لأن لات لا تكون إلا مع الحين; قال: ولا تكون لات إلا مع حين. وقال بعض نحويي الكوفة: من العرب من يضيف لات فيخفض بها، وذكر أنه أنشد:
لات ساعة مندم (٢)

(١) وهذا البيت لأبي زبيد المنذر بن حرملة الطائي النصراني وقد أدرك الإسلام. وكان عثمان رضي الله عنه يقربه ويدني مجلسه (فرائد القلائد، في مختصر شرح الشواهد، للعيني) قال: والشاهد في قوله: ولات أوان حيث وقع خبره (خبر لات) لفظة أوان كالحين أي ليس الأوان صلح، فحذف المضاف، ثم بني أوان، كما بني قبل وبعد. عند حذف المضاف إليه، ولكنه بنى على الكسر، يشبهه بنزال في الوزن، ثم نون للضرورة. وأن تفسيرية. وليس للنفي واسمه محذوف. وحين بقاء: خبره. أي ليس الحين حين بقاء الصلح. أهـ. قال الفراء بعد كلامه الذي نقلناه تحت الشاهد السابق: وأنشدني بعضهم:" طلبوا صلحنا... " فخفض أوان. أهـ. قلت: ولم يقل إنه بنى على الكسر.
(٢) هذا جزء من بيت. وهو بتمامه كما في" فرائد القلائد، في مختصر شرح الشواهد، للعيني (ص ١٠٥ مستقلة عن الخزانة للبغدادي). نَدِم البُغاةُ ولاتَ ساعَةَ مَنْدَمٍ... والْبَغْيُ مَرْتَعٌ مُبْتَغِيهِ وَخِيمُ
والرواية فيه عند العيني بنصب ساعة، لا بجرها. وقال في شرحه وقائله محمد بن عيسى بن طلحة بن عبيد الله التيمي وقيل مهلهل بن مالك الكناني. وقال الفراء. بعد أن أنشد البيت (٢٧٦) والكلام: أن ينصب بها في معنى ليس. أهـ. قلت: وفي خزانة الأدب للبغدادي (٢: ١٤٤ - ١٤٧) نقاش كثير بين النحويين في إعراب" ساعة" في البيت: أبا لنصب، وهي الرواية المشهورة وقد وافق عليها الفراء في آخر كلامه. وأما الجر فإنه يحكيه عمن أنشده هذا الجزء من البيت، الذي قال إنه لا يحفظ صدره، ولم يرض الفراء عن الجر بلات، وإنما قرر أن وجه الكلام النصب بها، لأنها في معنى ليس، وأنشد عليه الشاهد الذي بعده، مؤكدا كلامه، في عملها النصب.
وأما رواية البيت فقد ذكرنا روايته عند ابن عقيل وغيره من شراح الألفية. ونسبته إلى رجل من طييء وفي خزانة الأدب (٢: ١٤٧) أن ابن السكيت رواه في كتاب الأضداد، وهو: وَلَتَعْرِفَنَّ خَلائِقا مَشْمُولَةً... وَلَتَنْدَمَنَّ ولاتَ سَاعةَ مَنْدَمِ
قال ابن الأعرابي في تفسير قوله" مشمولة": يقال أخلاق مشمولة: أي مشئومة، وأخلاق سوء. قال: ويقال أيضا: رجل مشمول الخلائق: أي كريم الأخلاق.


الصفحة التالية
Icon